في خطوة لافتة على صعيد الطاقة الإقليمية، كشفت الحكومة المصرية عن موقفها الرسمي من صفقة الغاز مع إسرائيل مؤكدة أنها "تجارية بحتة" وليست مرتبطة بأي أبعاد سياسية وهو ما يعكس حرص القاهرة على ترسيخ دورها كمركز إقليمي لإدارة وتداول الغاز في شرق المتوسط دون المساس بسيادتها أو مصالحها الوطنية.
تصريحات ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، أوضحت أن الاتفاق يضم شركات دولية وشركات مصرية متخصصة في الطاقة، بما يضمن الاستفادة الاقتصادية لمصر مع الحفاظ على مرونة تحركاتها في القطاع.
ويبدو أن القاهرة حرصت على تفنيد أي ربط بين الصفقة والقضية الفلسطينية أو أي توظيف سياسي مؤكدة دعمها الثابت للشعب الفلسطيني ورفضها للتهجير القسري، مع التمسك بحل الدولتين هذا الموقف يوضح أن الاستثمارات الكبرى في الغاز يمكن أن تسير بالتوازي مع المواقف الأخلاقية والسياسية للدولة، وهو ما يعزز صورة مصر كمحور استراتيجي في الطاقة الإقليمية.
من الناحية الاقتصادية، تمثل الصفقة فرصة ضخمة لتعزيز البنية التحتية المصرية في الغاز الطبيعي، بما في ذلك محطات الإسالة وشبكات النقل والتخزين، ويسمح للدولة بإدارة السوق بشكل مرن وضمان استدامة العمليات التجارية مع ذلك، تحمل الصفقة في طياتها تحديات تتعلق بالمراقبة الدقيقة لتنفيذها وفق قواعد السوق، وتفادي أي ضغوط خارجية قد تؤثر على مصلحة مصر.
تظهر الصفقة أيضا تأثير الدبلوماسية المصرية في حماية مصالحها الإقليمية، تحديداً في ظل مخاوف من الربط بين التصدير وحركة الأوضاع في غزة، حيث أشارت القاهرة إلى جهودها لمنع أي تهجير قسري ودعم إعادة إعمار القطاع.
ايضاً يبرز قدرة الدولة على الجمع بين المصالح الاقتصادية والمواقف الإنسانية والسياسية في آن واحد.
يرى مراقبون أن هذه الخطوة تؤسس لمشهد إقليمي جديد في سوق الغاز، حيث يمكن للدول ذات البنية التحتية القوية والخبرة التكنولوجية أن تلعب دورا مركزيا في نقل الطاقة وتداولها، مع تعزيز مكانتها الاستراتيجية دون التخلي عن المواقف السياسية والأخلاقية ما قد يشكل نموذجاً للدول الإقليمية في إدارة موارد الطاقة والتوازن بين الاقتصاد والسياسة.