باريس تختبر آلية التحقق والجيش اللبناني

2025.12.18 - 10:51
Facebook Share
طباعة

 «لا أحد يملك جوابًا واضحًا، والجميع ينتظر اجتماع واشنطن في نهاية الشهر بين دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو». بهذه العبارة لخّص مرجع كبير لصحيفة «الأخبار» قراءته لمآلات المساعي الجارية عبر لجنة «الميكانيزم». وأضاف أن الطروحات التي جرى تداولها مؤخرًا تضمّنت اقتراحًا قدّمه رئيس مجلس النواب نبيه بري، يقضي بأن تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل للانسحاب من المناطق المحتلة وإطلاق سراح الأسرى، بما من شأنه أن يساعد الجيش اللبناني على تنفيذ القرار 1701.

إلا أن الرد الأميركي جاء سلبيًا، إذ أكدت واشنطن أن إسرائيل ترفض أي ربط بين مهمة الجيش اللبناني وبين اتخاذ خطوات من جانبها، وتعتبر نفسها في موقع يسمح لها بمواصلة الضربات بهدف عرقلة عملية إعادة البناء التي يقوم بها حزب الله.

في هذا السياق، تتكثف الجهود الدبلوماسية عبر قنوات متعددة، تشمل واشنطن وباريس والقاهرة، إضافة إلى مسارات عربية أخرى، بحثًا عن مخرج للأزمة. وفي المقابل، تواصل إسرائيل تصعيد اعتداءاتها اليومية، فيما يبقى الجيش اللبناني خاضعًا لسياسة ابتزاز متواصلة، تتجلّى في تكرار الحديث عن ربط المساعدات المقدّمة له بمدى تجاوبه مع التوجيهات الأميركية المتوافقة مع المصالح الإسرائيلية.

وتستضيف باريس اليوم اجتماعًا يضم ممثلين عن فرنسا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة ولبنان، في ظل تصاعد المخاوف من تصعيد إسرائيلي قد يفجّر الساحة اللبنانية. وأفادت مصادر مطّلعة بأن باريس «منخرطة بجدية في مسار تعزيز الثقة بالجيش اللبناني»، وكان لها دور محوري في بلورة «آلية التحقّق» التي تقوم على أدلة ملموسة، وهو ما سبق أن عبّر عنه وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، حين قال إن فرنسا «تعمل على آلية ثانية لمتابعة نزع سلاح حزب الله».

وبحسب المصادر، فإن اجتماع اليوم يُعد تتويجًا لحراك فرنسي شمل محطتين أساسيتين: الأولى تمثّلت في تحركات آن كلير لوجاندر، مستشارة الرئيس إيمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأوسط والعالم العربي، وجان إيف لودريان، إلى جانب الاتصالات الفرنسية الهادفة إلى تأمين موافقة على عقد مؤتمر لدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية. أما المحطة الثانية فتتصل بالدعم الاقتصادي وجهود إعادة الإعمار.

وأشارت المعلومات إلى أن الولايات المتحدة رفضت تقديم أي ضمانات، مؤكدة أن إسرائيل تصرّ على الفصل بين المسار التفاوضي وبين «إجراءاتها» ضد حزب الله.

ووفق ما علمت «الأخبار»، فإن قائد الجيش اللبناني، العماد رودولف هيكل، الذي يشارك في اجتماع باريس، سيعقد لقاءات في كل من وزارة الدفاع الفرنسية وقصر الإليزيه، حيث سيعرض بصورة شاملة الصعوبات التي يواجهها الجيش في الجنوب، ولا سيما في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة ورفض إسرائيل الانسحاب من خمسة مواقع إضافية لا تزال تحتلها. ولفتت المصادر إلى أن النقاشات ستركّز بشكل أساسي على عمل «الميكانيزم»، خاصة بعد انضمام السفير السابق سيمون كرم، ومدير السياسات الخارجية في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يوري رسنيك، إلى أعماله.

ويُذكر أن مورغان أورتاغوس وجان إيف لودريان، المشاركين في اجتماع باريس، سيتوجهان إلى لبنان لحضور اجتماع «الميكانيزم» يوم الجمعة. وكان السفير سيمون كرم قد التقى أمس رئيس الجمهورية جوزيف عون للحصول على التوجيهات اللازمة قبيل انعقاد اللجنة، كما اجتمع عون بنائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب، الذي نفى ما تردد عن تعيين سفراء آخرين غير كرم في «الميكانيزم».

وأفادت المصادر بأن ملف الحدود اللبنانية – السورية سيُدرج على جدول أعمال اجتماع باريس، في ظل عروض سابقة بتقديم مساعدات تقنية ودعم مشترك للبلدين في هذا الإطار.

ميدانيًا، وفي مشهد بات متكررًا جنوب نهر الليطاني، طلبت «لجنة مراقبة وقف إطلاق النار» من الجيش اللبناني التحقق من مزاعم بوجود بنى تحتية عسكرية أو نفق للمقاومة في وادي تولين. وقد نفذت دوريات قوات «اليونيفيل» خلال الأيام الماضية عمليات بحث مكثفة في المنطقة التي تعرّضت لغارات إسرائيلية عنيفة خلال العدوان.

وتوجّهت قوة من الجيش اللبناني، مؤازَرة بجرافة، إلى الموقع لحفره، استنادًا إلى الادعاءات الإسرائيلية، ليتبيّن بعد التفتيش أن النفق لا يتعدّى غرفتين صغيرتين خاليتين من أي سلاح أو عتاد. وكان الجيش على تواصل مباشر مع «الميكانيزم»، وبعد ثبوت عدم صحة الادعاء، طلب حضور قوات «اليونيفيل» لتوثيق نتائج الحفر، قبل ردم النفق بانتظار استكمال الإجراءات اليوم.

وتُعدّ حادثة تولين استنساخًا لتجربة يانوح، التي سبق أن دحضت الادعاءات الإسرائيلية بوجود بنى تحتية عسكرية تحت أحد المنازل. غير أن هذه الوقائع كشفت حجم التهويل والضغط الممارس على الجيش اللبناني، إذ تلجأ إسرائيل إلى ابتزازه وابتزاز الأهالي في الجنوب لإجبارهم على إثبات خلوّ المناطق من السلاح، تفاديًا للقصف.

وفي المقابل، يتجلّى السلوك الإسرائيلي في تحويل «الميكانيزم» إلى مجرد ناقل لادعاءاته، في وقت تتجاهل فيه إسرائيل، منذ إنشاء هذه الآلية، الاعتداءات اليومية التي تنفذها وسقوط ضحايا لبنانيين، ما يطرح علامات استفهام جدية حول حياد الآلية ووظيفتها الفعلية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 6