لبنان والملف السوري: بين الإحصاءات والواقع

2025.12.17 - 12:31
Facebook Share
طباعة

تشهد الساحة اللبنانية مرحلة جديدة من برنامج العودة الطوعية للنازحين السوريين وسط تساؤلات متزايدة عن جدوى هذه الخطوات وحجم تأثيرها الفعلي على أزمة النزوح الممتدة منذ سنوات في بلد يرزح تحت أعباء اقتصادية واجتماعية خانقة ورغم الإعلان عن انطلاق المرحلة الثالثة عشرة من البرنامج إلا أن المؤشرات الميدانية توحي بأن المسار ما زال بطيئاً ولا يوازي حجم الأزمة القائمة.

انطلقت المرحلة الحالية من منطقة البقاع حيث جرى التجمع في جامعة بيروت العربية في تعنايل ضمن آلية يشرف عليها الأمن العام اللبناني بالتنسيق مع الجهات الرسمية المعنية وتندرج هذه الخطوة ضمن مسار تنظيمي يهدف إلى تأمين عودة الراغبين إلى سوريا بطريقة مصنفة طوعية ومنظمة بعيداً عن الفوضى أو الضغوط المباشرة.

في المقابل تطرح وسائل إعلام محلية على أعداد العائدين علامات استفهام كبيرة فالأرقام المسجلة في المراحل السابقة تظهر أن المرحلة الأولى في 29 تموز شملت 71 شخصاً والمرحلة الثانية في 11 أيلول شملت 280 شخصاً ما يعكس محدودية النتائج مقارنة بحجم الوجود السوري في لبنان.

وتزداد الصورة تعقيداً مع تضارب الإحصاءات الصادرة عن الجهات الرسمية والدولية فبينما تشير مفوضية اللاجئين إلى أن 170 ألف شخص عادوا من المسجلين لديها تذهب وزارة الشؤون الاجتماعية إلى تقديرات أعلى تصل إلى 330 ألفاً هذا التباين يثير تساؤلات عن دقة قواعد البيانات وآليات الاحتساب ويضعف الثقة في المعطيات المتداولة.

في السياق ذاته تفيد تقديرات بحثية بأن عدد النازحين السوريين الموجودين حالياً في لبنان يقدر بحوالي 1.5 مليون شخص ما يعني أن حركة العودة ليست ثابتة أو نهائية ويؤكد أن البرنامج يواجه قيوداً كبيرة من حيث حجم الاستجابة وإمكانية التوسع.

أمام هذا المشهد تبدو العودة الطوعية خطوة رمزية أكثر منها حلاً جذرياً في ظل غياب مقاربة شاملة تعالج الجوانب الاقتصادية والأمنية والسياسية المرتبطة بالملف كما أن استمرار تضارب الأرقام يكرس حالة الضبابية ويؤخر الوصول إلى سياسات واضحة قائمة على معطيات دقيقة.

ويبقى ملف النزوح السوري واحداً من أكثر الملفات حساسية في لبنان حيث تتقاطع فيه الاعتبارات الإنسانية مع الضغوط الداخلية والمخاوف المستقبلية ما يفرض مقاربة أكثر شفافية ووضوحاً بعيدا عن الأرقام المجتزأة أو المعالجات الجزئية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 3