يشهد ملف النزوح السوري في لبنان تطورًا لافتًا مع تسجيل عودة أعداد كبيرة من النازحين إلى سوريا بالتوازي مع خطوات حكومية لإعادة تنظيم المساعدات النقدية وضبط آليات توزيعها هذا المسار عُرض خلال اجتماع لجنة خطة لبنان للاستجابة بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري حيث جرى استعراض نتائج خطة العودة الآمنة التي أقرتها اللجنة الوزارية المكلّفة منذ تموز 2025.
أعلنت وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد أن عدد النازحين السوريين الذين عادوا إلى بلدهم بلغ حتى الآن نحو ثلاثمئة وثمانين ألف شخص وقد جرى شطبهم نهائيًا من قاعدة بيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في خطوة تعكس تقدّمًا عمليًا في إدارة هذا الملف المزمن كما أشارت إلى أن أربعة وسبعين ألف نازح أعربوا عن نيتهم العودة قبل نهاية العام الحالي.
وترتبط هذه الخطوة بتفعيل التنسيق مع الجهات الوطنية والدولية تمثل الأرقام المسجلة اختبارًا لقدرة الدولة على الانتقال من إدارة أزمة النزوح إلى معالجتها ضمن رؤية طويلة الأمد تأخذ في الاعتبار البعد الاجتماعي والاقتصادي والأمني وتؤكد وزارة الشؤون الاجتماعية أن العودة لا تقتصر على تسجيل أرقام وانما تقوم على متابعة إدارية وتنظيمية لضمان استدامتها وعدم تحوّلها إلى نزوح معاكس.
على صعيد آخر قالت الوزيرة أن قيمة المساعدات النقدية الإنسانية خلال عام 2024 بلغت أكثر من أربعمئة وأربعة وثلاثين مليون دولار أي ما يشكّل نحو اثنين وأربعين في المئة من موازنة خطة لبنان للاستجابة ونُفذت عبر عشرات الشركاء المحليين والدوليين وبدعم من جهات مانحة متعددة غير أن دراسة حديثة كشفت فجوة في كلفة إيصال هذه المساعدات حيث تصل المصاريف التشغيلية لدى بعض الجمعيات إلى أكثر من أربعين في المئة من الميزانية مما يعني أن جزءًا كبيرًا من الأموال لا يصل مباشرة إلى المستفيدين.
وأعلنت الوزيرة قرارًا يقضي بحصر تمرير المساعدات النقدية المخصصة للبنانيين عبر البرنامج الوطني أمان قبل نهاية عام 2025 في خطوة تهدف إلى تعزيز الشفافية تقليص الهدر وتوحيد قواعد البيانات وآليات الصرف ويُنظر إلى هذا القرار باعتباره محاولة لإعادة الاعتبار لدور الدولة في إدارة الدعم الاجتماعي بعد سنوات من الاعتماد الواسع على قنوات متعددة أثارت جدلًا حول الفعالية والرقابة.
توضح هذه التطورات توجهًا رسميًا لإعادة ضبط ملفين مترابطين النزوح والمساعدات ضمن مقاربة تقوم على الأرقام والقرارات التنفيذية وسط رهان على أن تترجم هذه الإجراءات إلى تخفيف الأعباء عن الدولة والمجتمع وإرساء أسس أكثر انتظامًا لإدارة المرحلة المقبلة.