الأسواق اللبنانية والسورية: فرصة تجارية أم عبء اقتصادي

2025.12.13 - 02:45
Facebook Share
طباعة

حجم الاستيراد اللبناني المرتفع يصل حتى عشرين مليار دولار بنهاية العام الجاري مما يخلق فجوة كبيرة في الميزان التجاري بسبب الفرق الشاسع بين الواردات المحدودة والصادرات التي لا تتجاوز ٣،٧ مليار دولار ويعتمد لبنان على الاستهلاك المموّل من الخارج وليس على الإنتاج المحلي ما يجعل الاقتصاد هشًا أمام أي تراجع في التحويلات أو الإيرادات من المغتربين أو السياحة ويبرز الحاجة الملحة لدعم القطاعات الإنتاجية وضبط الاستيراد وتعزيز الصادرات.

العجز التجاري الحالي ليس جديدًا بل تراكم على مدى سنوات ففي سبعينات القرن الماضي كانت نسبة تغطية الصادرات من الواردات تصل إلى سبعين بالمئة أما اليوم فتبلغ الصادرات أقل من خمسة مليارات دولار بينما يتجاوز حجم الاستيراد عشرين مليار دولار ويضيف ذلك ضغوطًا على الاقتصاد المحلي ويؤكد هشاشة النموذج القائم على الاعتماد على الموارد الخارجية.

جزء من البضائع المستوردة إلى لبنان يُعاد تصديره إلى السوق السورية بعد فتح الأوضاع تدريجيًا في سوريا وانخفاض تأثير العقوبات السابقة ما أتاح حركة تجارية نسبية خاصة مع الأزمة في المحروقات التي كانت قائمة في بداية العام وجعلت الأسعار في سوريا أعلى من لبنان وبذلك تم تحويل جزء من الواردات اللبنانية إلى السوق السورية سواء بشكل رسمي أو عبر التهريب الجزئي مما ساعد على تخفيف العجز التجاري المحلي جزئيًا.

رغم ارتفاع حجم الاستيراد لا يظهر عجز في ميزان المدفوعات بفعل مصادر تمويل أخرى مثل الإيرادات السياحية التي تصل إلى سبعة مليارات دولار وتحويلات المغتربين التي تتراوح بين ستة وسبعة مليارات دولار وأيضًا أرباح المحافظ الاستثمارية الخارجية وبعض الاستثمارات الأجنبية المحدودة كل هذه المصادر تغطي العجز التجاري وتساعد على الحفاظ على استقرار نسبي لسعر الصرف مقارنة بالعجز الكبير في الواردات والصادرات.

توجد إيجابيات لتزايد حجم الاستيراد أبرزها تأمين السلع للمستهلك اللبناني بكثرة وتوفير حرية الاختيار وفتح المجال لإعادة التصدير إلى الدول المجاورة خاصة مع تحسن الوضع الأمني وعودة العلاقات اللبنانية العربية ولبنان تاريخيًا له خبرة في التجارة الدولية أما السلبيات فتتمثل في منافسة شديدة للصناعة الوطنية الضعيفة واستنزاف العملة الصعبة إذ يمثل الاستيراد الكبير خروج عشرين مليار دولار سنويًا من لبنان وارتفاع فاتورة المحروقات التي تشكل حوالي ثلاثين بالمئة من إجمالي الواردات كما تؤثر الأسعار العالمية للمواد الأولية وتكاليف الشحن على زيادة فاتورة الاستيراد.

من هذا المنطلق يشدد الخبراء على أهمية تعزيز الإنتاج المحلي وتحفيز الصادرات لضبط العجز التجاري وتقليل الاعتماد على الواردات وأي خطة إنقاذ اقتصادية يجب أن تركز على حماية الصناعة الوطنية وتشجيع المبادرات الإنتاجية ودعم قدرة لبنان على استيعاب التحديات الاقتصادية والاعتماد على السوق المحلية والإقليمية بشكل متوازن لتحقيق استقرار اقتصادي مستدام. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 3