نيويورك تايمز: الجيش السوري الجديد يبنى على الولاء والدين

2025.12.13 - 12:23
Facebook Share
طباعة

 أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن إعادة بناء الجيش السوري بعد حل جميع القوات المسلحة عقب الإطاحة بالنظام السابق، يعد أحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومة الوليدة، وهو جهد بالغ الأهمية لتوحيد هذا البلد الذي لا يزال يعاني من الانقسامات.

ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن القادة السوريين الجدد يعتمدون نهجاً مماثلاً للنهج الذي اتبعوه في تأسيس حكومتهم، حيث ركز رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع على دائرة ضيقة من الموالين لتشكيل القيادة العسكرية الجديدة.

ويُفضّل الهيكل القيادي الجديد للجيش المقاتلين السابقين من المجموعة التي كان يتزعمها الشرع على أولئك الذين قد يمتلكون خبرة أكبر، وفقًا للجنود والقادة والمحللين. ولم تُدرج الأقليات الدينية في الجيش حتى الآن، على الرغم من التنوع الديني والعرقي في سوريا.

وتطبق وزارة الدفاع السورية أساليب تدريب مشابهة لتلك التي استخدمتها جماعة الشرع السابقة، بما في ذلك التعليم الديني، التي ساعدت في ترسيخ قوتها بين الفصائل التي حاربت نظام الأسد خلال الحرب الأهلية.

لا علاقة لها بالجاهزية العسكرية
أجرت نيويورك تايمز مقابلات مع نحو عشرين جندياً وقائداً ومجنداً جديداً، ناقشوا التدريب العسكري وأبدوا مخاوفهم، شرط عدم الكشف عن هويتهم بسبب قيود وزارة الدفاع.

وقال عدد من الجنود والقادة، بالإضافة إلى محللين، إن بعض قواعد الجيش الجديد لا علاقة لها بالجاهزية العسكرية. على سبيل المثال، تُطبق قواعد صارمة مثل حظر التدخين أثناء الخدمة، بينما يبدو التدريب بعيدًا عن متطلبات القوات المسلحة الحديثة.

لا يعكس تنوع المجتمع السوري
أوضح أحد الجنود الذين التحقوا بدورة تدريبية أن الأسبوع الأول كُرس بالكامل للتعليم الإسلامي، بما في ذلك محاضرة استمرت ساعتين ونصف عن مولد النبي محمد، وهو ما يعكس الفكر السني المحافظ الذي تبنته "هيئة تحرير الشام" التي كان يتزعمها الشرع في إدلب.

وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك يثير تساؤلات حول مدى الترحيب بالأقليات الدينية والعرقية في الجيش الجديد، ومدى تمثيله لتنوع المجتمع السوري. وقال مسؤول عسكري طلب عدم الكشف عن هويته إن الحكومة لم تتخذ قرارًا بعد بشأن السماح للأقليات بالتجنيد، محذرًا من أن استبعادهم قد يؤدي إلى تفاقم التوترات الطائفية.

الولاء بدلاً من الكفاءة
وأكد عدد من الجنود والقادة والمجندين أن القيادة تعتمد على دائرة صغيرة من الموالين للشرع، بدلاً من ذوي الخبرة، بمن فيهم آلاف الضباط الذين انشقوا في ظل نظام الأسد. ويعتمدون على مقاتلي "هيئة تحرير الشام" السابقين لتشكيل القيادة الجديدة للجيش.

بعد إلغاء التجنيد الإجباري، لجأ الجيش الجديد إلى تجنيد المتطوعين مع شروط مثل إتمام الصف التاسع، اللياقة البدنية، والقدرة على القراءة. ومع ذلك، تم ضم مقاتلين سابقين من الحرب الأهلية حتى إن لم يستوفوا جميع المعايير.

وقال عصام الريس، كبير المستشارين العسكريين في مركز "إتانا" للأبحاث السورية: "يُعيَّن قائد من هيئة تحرير الشام لم يُكمل الصف التاسع ليقود كتيبة، ومؤهله الوحيد هو ولاؤه لأحمد الشرع. هؤلاء يفتقرون إلى التعليم العسكري الرسمي والانضباط". وأضاف أن هؤلاء المقاتلين لديهم خبرة في حرب العصابات، لكن معظمهم لم يخدموا كضباط في جيش نظامي، وهو ما يعتبر ضروريًا لإعادة بناء الجيش.

وأشار الريس إلى أن الجيش الجديد يفتقر إلى الانضباط، قائلاً: "قوة الجيش تكمن في انضباطه، وحفظ القرآن لن يفيدك، بل تحتاج إلى القدرة على القتال". وأضاف أن معظم الجنود يبدأون ثلاثة أسابيع من التدريب الأساسي، باستثناء من سبق لهم القتال مع الشرع، وأن هذا التدريب لا يمنحهم مهارات عسكرية فعلية، بل يلقنهم طريقة التفكير نفسها.

التنوع الديني والسياسي
أكد قتيبة إدلبي، مدير الشؤون الأمريكية في وزارة الخارجية السورية، أن الحكومة وقّعت اتفاقية مبدئية مع تركيا لتدريب الجيش، لكنها لا تشمل تسليم أسلحة بسبب العقوبات الأمريكية. وتشير الصحيفة إلى أن ضعف الانضباط والهيكل القيادي للجيش ساهم في اندلاع أعمال عنف طائفية، مما أضعف علاقات الحكومة مع الأقليات.

وأوضح العقيد علي عبد الباقي، قائد أركان الكتيبة السبعين في دمشق، أن التعليم الديني هدفه بناء التماسك من خلال الإيمان المشترك وليس فرض أيديولوجية محددة على المجندين الجدد، مشيرًا إلى أن الجيش يعتمد على الولاء كأساس للترقيات، وليس على الخبرة العسكرية السابقة.

وحذر بعض القادة من أن السماح للأقليات، خاصة العلويين والشيعة، بالانضمام إلى الجيش بعد حرب أهلية طائفية سيكون بمثابة إشعال فتيل أزمة، بينما رأى آخرون أن دمج الأقليات في الجيش يمكن أن يعزز الثقة ويمنع العنف الطائفي.

كما لفتت الصحيفة إلى أن وضع الموالين للشرع في مناصب قيادية يصعب دمج قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، والتي تسيطر على شمال شرق سوريا وتتمتع بهيكل تنظيمي قوي. وحذر بعض الجنود من أن التدريب لا يركز على قوانين الحرب، بل يقتصر على توجيه المجندين لتجنب اختلاط الأقليات بجرائم أفراد قليلين.

وأشار عمر الخطيب، مقاتل سابق وقائد حالي في حلب، إلى أن الجيش بحاجة لقسم خاص للتوعية السياسية ومنع جرائم الحرب والانتهاكات الإنسانية، مؤكدًا أن ذلك أهم من التركيز على التعليم الديني المعروف بالفعل بين الجنود.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 6