شهدت جلسة المجلس العدلي المخصصة لملف تفجير التليل، الذي وقع فجر الخامس عشر من آب 2021 تضارباً واسعاً في إفادات ضباط وعناصر الجيش اللبناني الذين تواجدوا في موقع الانفجار الذي نتج عن خزان وقود أثناء تجمع مئات الأشخاص لتعبئة البنزين، وأسفر عن سقوط ما لا يقل عن خمسين ضحية وعشرات الجرحى.
ركزت الجلسة على تحديد مسؤوليات القيادة العسكرية في إدارة الوضع على الأرض بعد أن ظهرت فروق واضحة بين إفادات الضباط والعناصر المشاركين في الحادث أفاد عدد من الضباط أن توزيع البنزين لم يتم بناء على أي تعليمات من قيادتهم، وأن الفوضى التي نشأت في المكان نتجت عن كثافة الحضور وعدم القدرة على ضبط الوضع.
بالمقابل، أشار بعض العناصر إلى أن ضابطاً برتبة عميد أصدر تعليمات بتوزيع الوقود، وهو ما نفاه العميد خلال شهادته موضحاً أن أي أمر من هذا النوع لم يصدر عنه.
امتدت الخلافات إلى تفاصيل أخرى، منها ما أفاده المتهم ريتشارد ابراهيم حول محادثة مع العميد تتعلق بإحضار جرافة لقلب الخزان، إذ تم نفي حدوث هذه المحادثة مع تأكيد العميد أن المتهم كان متوتراً والجو العام مشحوناً في المكان، في حين تركزت الشهادات حول سماع الضباط لما قيل عن قيام شخص بإشعال قداحة في إشارة إلى المتهم جرجي ابراهيم، الذي أنكر بدوره خلال جلسات سابقة أي تورط له في إشعال النار.
ركزت أسئلة المجلس على تحديد الجهة المسؤولة على الأرض بين اللواء الثاني ومديرية المخابرات، وقد أفاد العميد المسؤول عن المخابرات في الشمال سابقاً أن سلطته لا تشمل اللواء الثاني الذي كان يتلقى أوامره مباشرة من غرفة العمليات وأوضح أن صهريج الجيش وصل إلى الموقع قبل تجمع الناس، ما جعل التحكم بالوضع مستحيلاً.
لم توفر الشهادات الجديدة أي معلومات مباشرة حول كيفية حدوث الانفجار، حيث اقتصرت روايات الشهود على ما سمعوه عن الحادث، فيما استمر المتهمون في نفي التهم المنسوبة إليهم، مؤكّدين عدم استخدام أي أسلحة أو إشعال للنار عن عمد.
في ضوء تضارب الإفادات، أعاد المجلس استجواب ريتشارد ابراهيم الذي شدد على إنكاره للاتهامات الموجهة إليه ورفض صحة أي محادثات مزعومة بينه وبين جرجي ابراهيم، فيما رفض العميد الأوصاف المتعلقة بسلوك المتهمين خلال الحادث.
ختاماً، قرر المجلس العدلي رفع الجلسة إلى 30 كانون الثاني المقبل للمرافعة النهائية، بعد أن رفض طلب الادعاء سماع إفادات شهود إضافيين، من بينهم النائب أسعد درغام، مما يشير إلى قرب مرحلة الفصل القانوني في الملف بعد سلسلة طويلة من الجلسات الميدانية والتحقيقية.