أدى الاجتماع الذي عُقد بين وزيري المال والتربية مع ممثلين عن روابط التعليم الأسبوع الماضي إلى إطلاق موجة جديدة من التحرّكات النقابية في القطاع العام. فعلى الرغم من الحديث عن دراسة لتعديل الرواتب، بدا واضحاً للروابط أن أي زيادة مرتبطة حصراً بمشروع مجلس الخدمة المدنية المعلّق منذ ستة أشهر في مجلس الوزراء، ما دفع عدداً من الروابط إلى الدعوة لإضرابات وتحركات تصاعدية إذا لم يُدرج بند تعديل الرواتب على جدول أعمال جلسة الحكومة المقبلة.
وتشير الروابط إلى أنّ التركيز على مشروع مجلس الخدمة المدنية في مناقشة الرواتب يضع تعديلات نظام التقاعد في الواجهة، بما يشمل خفض نسبة معاش التقاعد من 85% إلى 70%، ووقف المعاش التقاعدي عن الابنة غير المتزوجة بعد بلوغها الخامسة والعشرين. وتعتبر جهات نقابية أن المشروع قد يشكّل مقدمة لإعادة بحث نظام التقاعد كاملاً، خصوصاً أنه وُضع بالتنسيق مع جهات دولية بينها البنك الدولي والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، في وقت لم تطّلع الروابط على تفاصيله بشكل كامل.
وخلال لقاء بين روابط التعليم ورئيسة مجلس الخدمة المدنية، حاولت الأخيرة توضيح أن مشروعها يهدف إلى وضع إطار شامل للإصلاح، فيما عبّر الأساتذة عن عدم قبول البحث في أي تعديلات قبل الاطلاع على المعطيات التفصيلية والأرقام.
وعلى صعيد الروابط الإدارية التي أعلنت التصعيد، تبرز ملاحظات حول الفروقات في التعاطي مع فئات القطاع العام، سواء في ما يتعلق بالبدلات أو بشروط الحضور أو آليات استحقاق تعويض المثابرة. وقد أدى استمرار هذه الملاحظات إلى ضغوط نقابية ساهمت في إصدار تعميم من رئاسة الحكومة ألغى الشروط والمعايير التي فُرضت سابقاً لاستحقاق التعويض، وهو ما اعتبره موظفون خطوة إيجابية رغم استمرار الفوارق في بعض البنود.
وفي موازاة ذلك، تتوزع المطالب بين الروابط. فأساتذة التعليم يطالبون بفصل تقديماتهم وزيادة رواتبهم بنحو 37 ضعفاً مقارنة بالقائم حالياً، فيما يركز موظفو الإدارة العامة على تعديل سلسلة الرتب والرواتب. ويعيد هذا النقاش طرح مشروع مجلس الخدمة المدنية الذي يقترح مضاعفة أساس الراتب تدريجياً خلال خمس سنوات ليصل عام 2030 إلى 42 ضعفاً مقارنة بعام 2019، علماً أن الرواتب الحالية تضاعفت بنحو 13 مرة.
ويشير مندوب وزارة المال في تجمع الموظفين إلى أن المشروع المطروح يعيد للرواتب نحو 75% من قيمتها في عام 2019 بعد خمس سنوات، في حين تصل التقديمات الحالية إلى ما يعادل نصف قيمتها السابقة، معتبراً أن الانتظار لفترة طويلة لا يخدم حاجات الموظفين المعيشية. وترى جهات نقابية أن المرحلة المقبلة قد تشهد تحركات أوسع إذا لم تظهر حلول أكثر سرعة، مع تأكيد أن فترة الانتظار المتاحة أمام الحكومة ليست مفتوحة.