سوريا والدرز… تصريحات طريف تعيد التوتر

2025.12.11 - 10:11
Facebook Share
طباعة

 دعا الشيخ موفق طريف، الزعيم الروحي للدروز في إسرائيل، الحكومة السورية إلى إعادة بناء الثقة مع الطائفة الدرزية في سوريا، معتبرًا أن الولايات المتحدة تلعب "الدور المحوري" في المشهد السوري. وجاءت تصريحاته في وقت يصف فيه مراقبون هذه الدعوات بأنها تدخل مباشر في الشؤون السورية الداخلية ومحاولة لإعادة تدوير خطاب يزيد الانقسام ويغذي الفتنة.

وقال طريف في تصريحات إعلامية إن “غياب الثقة” بات يفرض على دمشق العمل لإعادة بناء العلاقة مع أبناء الطائفة، معتبرًا أن الوضع في السويداء “خطير” نتيجة ما شهدته المحافظة من أحداث دامية وخسائر بشرية واسعة، إضافة إلى الدمار ونقص الإمدادات الأساسية من غذاء ودواء.

ورأى طريف أنه "غير منطقي" المطالبة بتسليم السلاح في السويداء بعد الأحداث الأخيرة، مقترحًا منح المحافظة "شكلاً من أشكال الحكم الذاتي" على غرار النظم الفيدرالية في دول مثل سويسرا وألمانيا. وهو طرح يراه كثيرون محاولة لفرض وقائع سياسية في لحظة حساسة، بما يعمق الانقسامات ويعيد إنتاج مشاريع التقسيم التي يرفضها السوريون بمختلف مكوّناتهم.

وفي سياق حديثه، شدد طريف على أن الدور الأميركي هو “الأساس” لتحقيق استقرار في سوريا، وقال إن أبناء الطائفة يعتمدون على واشنطن والرئيس الأميركي لضمان حقوق الأقليات ومنع تكرار الانتهاكات بحقها. واعتبر أن عدم الاستجابة لهذه المطالب سيحول دون تحقيق أي استقرار، في خطاب يتعامل مع المجتمع السوري بوصفه ميدانًا للتدخل الخارجي، وفق ما يرى معارضون لهذا الطرح.

من جانب آخر، تواصل لجنة التحقيق الخاصة بأحداث السويداء عملها بعد تمديد مهامها لمدة شهرين إضافيين حتى نهاية العام، حيث أكد رئيس اللجنة، القاضي حاتم النعسان، أنها جمعت "عددًا كبيرًا من الإفادات" وشكّلت رواية شاملة حول ما جرى.

وأشار النعسان إلى أن التحقيقات شملت شهادات من سكان السويداء ومن الأهالي الذين نزحوا إلى دمشق وصحنايا وجبل السماق، إضافة إلى نازحين في درعا وريف دمشق ومناطق أخرى، في محاولة لتجميع صورة دقيقة عن الأحداث ومسارها.

وتأتي مجمل هذه التطورات في ظل استمرار حالة التوتر في السويداء، فيما يرى مراقبون أن تصريحات طريف تضيف طبقة جديدة من الشحن والتأثير الخارجي على ملف شديد الحساسية، في وقت يحتاج فيه السوريون إلى تهدئة وطنية لا إلى خطابات تعزز الفوضى والانقسام.


تصريحات الشيخ موفق طريف ليست مجرد رأي صادر عن شخصية دينية، بل تحمل ثلاث رسائل أساسية تعكس تدخلًا مباشرًا في الشأن السوري، وتثير مخاوف من إعادة إنتاج الانقسام داخل المجتمع السوري في لحظة حساسة:

1. توظيف الملف الدرزي سياسيًا
حديث طريف عن "انعدام الثقة" في سوريا وضرورة "منح الحكم الذاتي" يعكس محاولة للعب دور سياسي خارج حدود موقعه الديني، ويضع الطائفة في مواجهة الدولة، وهو خطاب لا يساعد على تهدئة الواقع بل يعمّق الاصطفاف الطائفي.

هذا النوع من الطروحات، خصوصًا بعد أحداث دامية، قد يُستخدم لتبرير مشاريع خارجية أو فرض أشكال حكم جديدة تحت عنوان حماية الأقليات.


2. إقحام الولايات المتحدة في معادلة داخلية
إعلانه أن الدور الأميركي “محوري” وأن أبناء الطائفة “يعتمدون” على واشنطن، يفتح الباب أمام تدخل خارجي مباشر في ملف داخلي سوري.
هذه الإشارة ليست بريئة سياسيًا، لأنها تقدّم صورة أن الأقليات لا تثق بدولتها بل بالولايات المتحدة، ما يعزز الخطاب الذي يخدم أجندات خارجية ترغب بإعادة تشكيل الخريطة السورية.


3. محاولة إملاء شروط على الدولة السورية
طريف لا يكتفي بتوصيف الوقائع، بل يطالب بمنح السويداء "حق تقرير المصير" أو "الحكم الذاتي".
هذا الطرح يضغط على دمشق ويستغل معاناة الأهالي ليبرر خطابًا انفصاليًا مبطنًا، في وقت تعمل فيه لجنة التحقيق على جمع رواية موحدة للملف، ما يجعل توقيت هذا التصعيد غير بريء.


4. إعادة إنتاج خطاب الفتنة في لحظة تحتاج للتهدئة
السويداء اليوم على مفترق طرق: بين مسار التحقيق الداخلي ومسار التوجيه الخارجي.
تصريحات طريف، بلهجتها الحادة، قد تُستخدم كوقود لإشعال التوتر مجددًا، خصوصًا أن المحافظة شهدت فوضى وسقوط ضحايا ونزوح جماعي، ما يجعل أي خطاب تقسيمي ذا تأثير مباشر على المجتمع المحلي.


5. فصل الطائفة عن محيطها الوطني
عبر التلويح بالحماية الأميركية، يضع طريف أبناء الطائفة في موقع المتلقي للتدخل الخارجي بدل ارتباطهم بمشروع وطني جامع، وهذا يخلق بيئة خصبة لتعميق الانقسام وإحياء ذاكرة الصراع الطائفي التي دفع السوريون ثمنها طويلًا.


تصريحات موفق طريف ليست توصيفًا للوضع، بل هي خطاب سياسي موجّه يستغل حساسية اللحظة، ويُدخل الطائفة الدرزية في مواجهة مفتوحة مع الدولة، ويُشرعن تدخل واشنطن في ملف داخلي يمس السيادة السورية.

وفي ظل استمرار عمل لجنة التحقيق وتراكم شهادات الأهالي، فإن فتح قنوات تأثير خارجي في هذا الوقت قد ينسف أي محاولة لتهدئة المشهد وإعادة بناء الثقة داخل المجتمع المحلي.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 9