تشهد مدن وبلدات في اللاذقية وطرطوس وحمص وحماة وبانياس إضراباً عاماً لليوم الثاني، بعد دعوة صادرة عن الشيخ غزال غزال، رئيس المجلس الإسلامي العلوي الأعلى في سوريا والمهجر، الذي أعلن بدء الإضراب في 8 كانون الأول 2025 لمدة خمسة أيام. ويأتي ذلك في ظل شكاوى من أوضاع أمنية واقتصادية صعبة، وتفسيرات مختلفة للدوافع والظروف المحيطة بالحراك الحالي.
وبحسب رصد ميداني، شهدت مناطق ذات غالبية علوية في اللاذقية وجبلة وطرطوس وصافيتا والدريكيش ومصياف توقفاً واسعاً للنشاط التجاري والخدمي، فيما بدت الشوارع شبه خالية خلال اليومين الأولين من الإضراب. وقد لاقى هذا التحرك اهتماماً إعلامياً واسعاً بوصفه من أكبر أشكال الاحتجاج التي تشهدها هذه المناطق منذ سنوات.
في المقابل، لا تزال الأسباب الحقيقية لحجم الالتزام محل نقاش واسع بين الأهالي، إذ يعتبر جزء منهم أن الإضراب يأتي تعبيراً عن مطالب معيشية وأمنية، بينما يرى آخرون أن بعض ما يتم تداوله حول “توترات طائفية” أو “استهدافات ممنهجة” قد يكون مبالغاً فيه أو يعتمد على روايات غير مؤكدة.
وفي طرطوس، ظهرت كتابات على بعض المحال التجارية تحمل طابعاً تهديدياً وفق شهادات محلية، لكن عدداً من الأهالي أكدوا أن تلك الكتابات قد تكون صادرة عن أفراد مجهولين، دون وجود ما يثبت ارتباطها بجهة محددة أو أن لها دافعاً منظماً، مطالبين بعدم تضخيم الحادثة إلى حين اتضاح تفاصيلها.
كما أشار سكان في اللاذقية إلى حادثة مقتل الشاب مراد محرز، حيث تعددت الروايات حول خلفياتها. بعض الأهالي ربطوا الحادثة بخلافات فردية، بينما اعتبر آخرون أنها قد تكون مرتبطة بهوية الضحية الطائفية. وحتى الآن، لم يصدر توضيح رسمي يحسم طبيعة الدافع، ما أبقى المجال مفتوحاً لتفسيرات متعددة.
وشهدت بعض القرى ذات الأغلبية العلوية حالات إطلاق نار في الهواء من قبل مؤيدين للحكومة الانتقالية، وفق شهود، وهو ما أثار قلق السكان. في المقابل، قال آخرون إن تلك الحوادث كانت “محدودة وذات طابع فردي”، ولا تعكس توجهاً عاماً أو محاولة لترهيب المشاركين في الإضراب.
وخلال الإضراب، انتشرت رسائل تضامن على الجدران وفي وسائل التواصل الاجتماعي دعماً لدعوة الشيخ غزال. ويرى جزء من الأهالي أن الإضراب “موقف احتجاجي سلمي”، بينما عبّر آخرون عن خشيتهم من أن يؤدي الحراك إلى استغلال سياسي من جهات مختلفة داخلية أو خارجية.
على خط موازٍ، تعمل مجموعة تُعرف باسم “السلم الأهلي” في الساحل على إعداد قائمة تضم نحو مئة شخصية لعقد اجتماع موسع مع أحمد الشرع بصفته “الرئيس المؤقت لسوريا”. وتقول مصادر قريبة من المجموعة إن الهدف من الاجتماع هو “تعزيز الحوار الداخلي”. في المقابل، يعتبر مقربون من المجلس الإسلامي العلوي أن هذه التحركات قد تهدف إلى إظهار انقسام داخل الطائفة ومحاولة الحد من الدور المتنامي للشيخ غزال، فيما تنفي جهات أخرى هذا الطرح وتصف التحرك بأنه “مبادرة سياسية طبيعية”.
وتشير الشهادات الميدانية إلى أن دعوات الشيخ غزال للمظاهرات السلمية لاقت استجابة لافتة في عدد من المناطق، بينما سجلت مناطق أخرى تجاوباً محدوداً أو متحفظاً، ما يعكس تعدد المواقف داخل الشريحة المجتمعية ذاتها.
وتستمر المتابعة الميدانية لمجمل الأحداث، في ظل حالة من الحذر العام، ومع الدعوات المتكررة من مختلف الأطراف لعدم الانجرار إلى الاستقطاب، والابتعاد عن الخطابات التي قد تزيد التوتر أو تعتمد على روايات غير مؤكدة.