صعوبات السكن والخدمات تواجه العائدين السوريين

2025.12.09 - 12:39
Facebook Share
طباعة

 عاد آلاف السوريين إلى بلادهم بعد سنوات من النزوح، حاملين معهم تجارب جديدة ولغات مختلفة، لكنهم يواجهون واقعاً تغير جذرياً بفعل الحرب الطويلة. مهند، أحد العائدين مع أسرته بعد سبع سنوات في تركيا، يوضح أن أطفاله أصبحوا يتحدثون التركية بطلاقة، لكن هذه المهارة غير مفيدة في بلدهم الأم، ما يفرض عليهم تعلم القراءة والكتابة بالعربية من الصفر.

الحرب الأهلية التي اندلعت في سوريا عام 2011 أودت بحياة مئات الآلاف، وأدت إلى نزوح ملايين السوريين داخلياً وخارجياً. وتشير التقديرات إلى أن نحو 16.5 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بينما لا يزال أكثر من ستة ملايين في وضع نزوح داخلي. منذ ديسمبر 2024، عاد نحو 782 ألف سوري من الخارج، بينهم 550 ألفاً من تركيا.

يواجه العائدون صعوبات متعددة، أبرزها التعليم، حيث أن الأطفال الذين بدأوا دراستهم في تركيا يجدون صعوبة في التكيف مع المناهج السورية. مهند يوضح أن إحدى بناته تدرس العربية في المسجد لتجاوز هذا النقص، بينما تواجه الكبرى صعوبة كبيرة لأنها لم تتعلم اللغة من قبل.

كما تمثل مشكلة السكن تحدياً حقيقياً، إذ تتراوح الإيجارات بين 300 و500 دولار، في ظل منازل تحتاج إلى صيانة وإعادة تأهيل. خدمات البنية التحتية الأساسية ضعيفة، مع انقطاع الكهرباء 3 إلى 4 ساعات يومياً وشراء المياه من أصحاب الآبار، إضافة إلى محدودية المرافق الصحية، حيث اضطر مهند لدفع 50 دولاراً يومياً لرعاية ابنته في مستشفى خاص.

ميساء، عائدة إلى دمشق بعد 11 سنة في تركيا، تؤكد أن حياتها الجديدة صعبة بسبب ارتفاع الإيجارات ونقص الخدمات، لكنها تشعر بالانتماء إلى وطنها، قائلة: "لم أعد أشعر أنني غريبة، لم أعد لاجئة".

فرح، شابة مقيمة في حلب، ترى أن ذكريات حياتها مرتبطة بتركيا، وأن العودة إلى سوريا كانت صعبة، لكنها جزء من عملية إعادة الاندماج في بلدها الأصلي.

دراسة "HCG Consulting" توضح أن قرار العودة يتأثر بمجموعة من العوامل تشمل الأمن، البنية التحتية، السكن، والتعليم، فضلاً عن الظروف الاقتصادية. معظم المنازل في المناطق الريفية متضررة، والكثير من المدارس مدمرة أو تفتقر إلى التجهيزات والمعلمين، ما يبطئ وتيرة العودة.

كورشاد شاهين، مستشار في إعادة إعمار سوريا، يشير إلى أن سوريا بدأت إعادة بناء هيكلها التشريعي والإداري بعد سنوات من العزلة والقمع، لكن مشكلة الكهرباء والخدمات الأساسية لا تزال تؤثر على التنمية. يضيف أن الاستثمارات الأجنبية ضرورية لتحسين الخدمات والبنية التحتية، وأن رفع العقوبات قد يشجع تدفق رؤوس الأموال، لكن إذا لم يتوافر التمويل، ستستمر الخدمات بالتدهور.

المنظمة الدولية للهجرة تؤكد أن عدم توفر الأمن، ونقص السكن وفرص العمل، وضعف الوصول إلى الخدمات الأساسية، كلها عوامل تعيق العودة الواسعة. وتشدد على أن التمويل العاجل والمستدام ضروري لمنع استمرار تدهور المياه والصرف الصحي والرعاية الصحية والتعليم والكهرباء.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 6