تعديل أميركي يقيد شروط المساعدة العسكرية للبنان

2025.12.09 - 10:27
Facebook Share
طباعة

 تتصاعد الضغوط الأميركية على المؤسسة العسكرية اللبنانية، وتضعها أمام معادلة واضحة: المشاركة الفعلية في مواجهة حزب الله أو التعرض لخطر تقليص أو تعليق المساعدات الخارجية. وكان رفع مستوى تمثيل لبنان من عسكري إلى مدني - دبلوماسي في لجنة الإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار مع إسرائيل إجراءً لم يُغير في سلوك تل أبيب أو يخفف من وتيرة التهديدات والاعتداءات، وفق إشارات عدة تقارير ومصادر دبلوماسية.


في هذا الإطار، بدا أن واشنطن دفعت إسرائيل مؤقتًا إلى التحوّل من لغة التهديدات العسكرية إلى المسار الدبلوماسي داخل لبنان، تزامنًا مع إدراك أن الضربات المتواصلة لم تُحقق نتائج حاسمة، وأن السياق يتطلب مسارات متعددة للضغط سياسيًا ودبلوماسيًا، بما في ذلك استغلال أصوات داخلية تُحمّل حزب الله مسؤولية التصعيد.


من الناحية العملية، يزداد الضغط الأميركي على قيادة الجيش والمؤسسة السياسية اللبنانية من خلال تعديل قيد النظر في الكونغرس يهدف إلى تقييد استخدام المساعدات العسكرية الأميركية بحيث تُوظّف فقط لتعزيز قدرة القوات اللبنانية على مواجهة تهديد حزب الله والمنظمات المصنفة إرهابية، ويمتد العمل ببنود الدعم الأمني حتى 31 كانون الأول 2026 بدلاً من نهاية 2025. ويكلف التعديل وزير الدفاع الأميركي باستخدام صلاحياته لتقديم تدريب ومعدات ودعم لوجستي يُسهِم في «نزع سلاح الجماعة الإرهابية المدعومة من إيران». كما يتضمن التعديل إلزام وزارة الدفاع بتقديم تقرير لهيئات الكونغرس حول خطة المساعدة ومعايير قياس تقدم الجيش اللبناني في هذا المسار، مع عرض خيارات لتعليق المساعدة إذا لم تبرهن المؤسسة العسكرية عن استعداد للتحرّك في اتجاه نزع السلاح.


وفي سياق دبلوماسي متسارع، وصل إلى بيروت الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الذي باشر لقاءات رسمية شملت رئيس الجمهورية، وعرض مبادرة فرنسية مرتبطة بترسيم الحدود مع سوريا وبخريطة طريق لتقييم جهود نزع السلاح. كما أُعلن عن لقاء يجمع قائد الجيش مع ممثلين أميركيين وسعوديين وفرنسيين لبحث عقد مؤتمر دولي لدعم الجيش اللبناني مطلع العام المقبل. الزيارات الفرنسية والدولية تصاحِبها محاولات تنسيق دعم أوسع للجيش وتوسيع أطر المراقبة والوساطة.


وفي المقابل، ردّ رئيس الجمهورية جوزيف عون على الاتهامات التي تُحمّل الجيش قصورًا في أداء مهامه جنوب نهر الليطاني، مؤكّدًا أن القوات أنجزت مهمات نشرها منذ عام وقدّمت 12 شهيدًا، وأن تقارير اليونيفيل وزيارات سفراء مجلس الأمن تشهد بكفاءة الأداء. وشدّد على أن تدمير المنازل والممتلكات من قِبل القوات الإسرائيلية وحرمان وحدات التفتيش من التحقق من خلوّ المواقع من وجود مسلّح يعرقل القدرة على تثبيت نتائج أي اتفاق، مطالبًا بتأمين التجهيزات اللازمة للجيش لأدائه مهامه في كامل الأراضي اللبنانية وليس مقتصرًا على مناطق محددة.


وتواكب المبادرات الدولية تقارير عن خطوات أوروبية وأميركية تقترح دعمًا متنوّعًا للقوى الأمنية اللبنانية، بما في ذلك إحالة بعض المهام الداخلية إلى قوى الأمن الداخلي (ISF) لتخفيف العبء عن الجيش وتمكينه من التركيز على مهام ضبط السلاح غير الشرعي. وتبحث العواصم الغربية آليات لرفع قدرات الجيش وتوفير التدريب والدعم اللوجستي دون المساس بالحساسية السياسية الداخلية.


وفي حين تستمر إسرائيل في توجيه اتهامات بوجود عناصر موالية لحزب الله داخل صفوف الجيش، تتصاعد في الوقت نفسه المبادرات الدبلوماسية لربط الدعم العراقي والأوروبي والأميركي بمدى التزام المؤسسة العسكرية بخطة عمل تقضي بتحجيم أو نزع السلاح غير الرسمي. وتشير معلومات متداخلة إلى أن زيارة قائد الجيش أو استقباله في واشنطن رهينة تحقيق شروط ومؤشرات محددة من قِبل الجانب الأميركي، فيما تستمر اتصالات دولية لبحث مؤتمر دعمٍ دولي للجيش.


المشهد الراهن يضع لبنان بين حسابات السيادة الداخلية ومتطلبات البقاء المالي والعسكري: دعم خارجي قد يقدّم أنفاسًا جديدة للقوات المسلحة لكنه يأتي مشروطًا بتحركات سياسية وأمنية قد تثير جدلاً محليًا واسع النطاق.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 1