النفط الليبي يدخل مرحلة "اقتصاد الظل"

2025.12.07 - 04:36
Facebook Share
طباعة

تزداد الضبابية في المشهد المالي داخل قطاع النفط الليبي مع توسّع آلية "الدفع بالإنابة" خلال الأشهر الماضية، حيث رصدت تقارير محلية اعتماد شركات تابعة للمؤسسة الوطنية للنفط على هذا الأسلوب للحصول على سيولة عاجلة من شركات محلية وأجنبية، مقابل تسديد لاحق عبر مخصصات من الخام هذا الأسلوب بدأ يأخذ طابعاً شبه دائم داخل قطاع النفط ما يسلّط الضوء على الضغوط القاسية على الإنفاق التشغيلي والتمويل العام في ظل انقسامات سياسية وتعطّل الموازنة الموحدة.

وتُظهر وثائق رسمية نُشرت في وسائل إعلام ليبية أن قيمة التسويات المنفذة عبر هذا النظام بلغت نحو 200 مليون دولار خلال خمسة أشهر، يدل ذلك على اعتماد بعض الشركات على التمويل المسبق بالنفط. وتشير البيانات إلى أنّ شركة الخليج العربي للنفط كانت الأكثر استخداماً لهذه الآلية، إذ حصلت مؤسسات أجنبية ومحلية على مبالغ تراوحت بين عشرين وثمانين مليون دولار، جرى تسديدها من خلال تخصيص شحنات خام في فترات لاحقة خلال العام.

وأكدت مصادر في المؤسسة الوطنية للنفط أن مخصصات التنمية لهذا العام كانت محدودة للغاية، إذ لم تتسلم الشركات سوى 311 مليون دينار، وهو مبلغ لا يغطي احتياجات التشغيل بالكامل، هذا العجز دفع بعض الشركات للبحث عن حلول بديلة لضمان استمرار عمليات الإنتاج وتجنب توقفها بسبب نقص السيولة.

يرى مختصون في الشأن الاقتصادي أن توسع هذا الأسلوب المالي يشكّل مساراً موازياً للدورة الرسمية للدولة، بما يحدّ من القدرة على مراقبة حجم الإيرادات الفعلية، ويضعف مستوى الشفافية في تحديد القيمة الحقيقية للصادرات كما يُنتج التزامات غير معلنة بدقة، ويضع المؤسسات الرقابية أمام تحديات كبيرة في تتبع الأموال وحصر المصروفات.

ويؤكد خبراء ماليون أنّ الدفع بالإنابة يفتح الباب أمام معاملات خارج السجلات المباشرة لديوان المحاسبة والخزانة العامة والمصرف المركزي، ما يخلق دائرة مالية منفصلة عن القنوات الحكومية التقليدية وتنبّه هذه الأصوات إلى أن هذا الأسلوب يتعارض مع اللوائح المالية التي تفرض تحويل الإيرادات السيادية أولاً إلى حسابات الدولة، قبل أي استخدام أو استقطاع.

في المقابل، يعتقد محللون في مجال الطاقة أنّ هذا الأسلوب يُعد حلاً اضطرارياً في بيئة مالية مرتبكة، إذ يضمن استمرار الإنتاج وتفادي توقف الحقول نتيجة نقص السيولة، وهو سيناريو قد تكون كلفته أعلى بكثير على الاقتصاد ومع ذلك، يخشى كثيرون أن يتحول هذا الأسلوب إلى قاعدة ثابتة يعمّق التداخل بين المال العام وحسابات الشركات خارج الإطار الرسمي.

دخلت ليبيا الربع الأخير من العام من دون إقرار موازنة موحدة، مع استمرار الخلاف بين السلطتين المتنازعتين حول إدارة الإنفاق وتشير بيانات المصرف المركزي إلى تسجيل عجز في ميزان النقد الأجنبي بلغ 6.7 مليارات دولار حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2025، وسط تراجع إيرادات النفط وارتفاع النفقات وتعتمد ليبيا على عائدات الخام لتغطية نحو 90% من احتياجاتها المالية، بينما يبلغ إنتاجها الحالي أكثر من 1.3 مليون برميل يومياً.

وتوضح تقارير دولية أن ارتفاع المصروفات مقابل انخفاض أسعار النفط ساهم في اتساع العجز العام والحساب الجاري، فيما يظل الانقسام السياسي مانعاً أساسياً أمام إدارة موحدة للمال العام، أيضاً ضاعف الضغوط على سعر الصرف والاحتياطي الأجنبي وجعل اعتماد آليات غير تقليدية أمراً متكرراً داخل قطاع النفط. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 10