أفادت تقارير استخباراتية غربية بأن تنظيم الدولة الإسلامية يعيد بناء نفسه، مستغلاً الفراغ الأمني في البادية السورية وأرياف حمص ودير الزور وحلب ودمشق، بعد سقوط النظام السوري. ويعمد التنظيم إلى شن هجمات خاطفة ضد السلطة السورية الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية، بهدف خلط الأوراق وإثبات وجوده وقدرته على زعزعة الاستقرار، في محاولة لإعادة بناء نفوذه بعد هزيمته الميدانية، وفقاً لتقارير أمنية مثل مؤسسة RAND.
طبيعة عمل التنظيم الجديدة في سوريا
خلايا مبعثرة: يعتمد التنظيم مبدأ الخلايا الأمنية المحدودة، بعيداً عن السيطرة الجغرافية المباشرة، ما يتيح له التحرك بسرية وتقليل تعرضه للضربات المركزة.
استراتيجية الهجوم الخاطف: يركز التنظيم على شن هجمات خاطفة على أهداف منفردة أو دوريات تابعة للنظام أو لقوات سوريا الديمقراطية، بدلاً من المواجهة المباشرة الكبرى، لإظهار وجوده واستمراريته.
أهداف الهجمات: تشمل الهجمات استهداف حقول الغاز، المراكز الأمنية المنفردة، مناطق الحراسة التابعة لقسد، واغتيالات لعناصر من النظام السوري الجديد.
أسباب عودة التنظيم للظهور
الفراغ الأمني: بعد سقوط النظام السابق، أصبحت مناطق البادية وريف دير الزور وأرياف حلب مناطق غير مكتفية أمنياً من قبل السلطة الجديدة، ما أتاح فرصة للتنظيم للتحرك بحرية.
الضغط على السلطة الجديدة: يسعى التنظيم لإظهار عدم قدرة السلطة الجديدة على السيطرة الأمنية على كامل الجغرافيا السورية، خاصة مع وجود استياء شعبي بسبب توجهات السلطة الجديدة في محاربة الإرهاب وعلاقاتها مع الولايات المتحدة.
التنافس مع مكونات أخرى: هناك تنظيمات جهادية أخرى مثل حراس الدين وأكناف المقدس تعود للتحرك في المنطقة، ويحاول تنظيم الدولة الإسلامية استعادة النفوذ والسيطرة عليها.
التحديات التي تواجه التنظيم
عمليات مكافحة الإرهاب: تحالفت السلطة السورية مع قوات التحالف الدولي، وشُكّلت فرقة خاصة لمكافحة التنظيم.
وجود قوات سوريا الديمقراطية (قسد): تعتبر قسد متحالفة أيضاً مع التحالف الدولي، وتحتجز قيادات للتنظيم داخل سجونها، ما يشكل ضغطاً على التنظيم ويحد من تحركاته.
مناطق انتشار التنظيم
بعد سقوط النظام، اتبع التنظيم خطة انتشار لا مركزية على شكل خلايا نائمة في مناطق مختلفة مثل:
السخنة في بادية تدمر، وأرياف حلب وحمص ودير الزور ودمشق: مع وجود خلايا ضمن الجيش السوري الجديد تم التطوع فيها لأغراض مستقبلية.
القلمون على الحدود اللبنانية: تنتشر خلايا نائمة ضمن البلدات الحدودية لتهريب الأسلحة.
البيوت الآمنة: يستخدم التنظيم أسلوب "البيوت الآمنة"، حيث يعيش عناصره كمدنيين عاديين، جاهزين للتحول إلى خلايا قتالية في أي وقت، مما يبعدهم عن أعين السلطة والتحالف الدولي.
بادية السويداء: تنتشر الخلايا في مناطق ذات تضاريس معقدة وكهوف، مما يصعب على التحالف اكتشاف الأنفاق التي يلجأ إليها التنظيم.
الانتشار ضمن الأرياف والمدن يسمح للتنظيم بتجنيد مقاتلين من الفصائل الجهادية الغاضبة من السلطة، ما يعزز قدرته على التوسع والتحرك بشكل خفي.
تكتيكات التنظيم الجديدة
بحسب مجموعة Sant Entelgins المتخصصة في الشؤون الأمنية، فإن تراجع التنظيم لا يعني ضعفه، بل إن التنظيم يعيد تشكيل نفسه بأسلوب أكثر تطوراً وإخفاء، مع بناء استراتيجية لا تقوم على كسب الأراضي، وإنما على أسلوب الكر والفر.
ويستخدم التنظيم أسلحة كاتمة للصوت ومتفجرات خفيفة لتسهيل النقل والتخزين، مع الحفاظ على الحد الأدنى من الضجة أثناء العمليات. كما استغل سقوط النظام للحصول على أسلحة خفيفة، وإن كانت محدودة النوعية.
أخطار التنظيم على الحكومة السورية
بناء خلايا ضمن المدن واستخدام أسلوب الهجمات الخاطفة لاستهداف شخصيات من النظام، بما في ذلك عمليات اغتيال لكوادر محددة، بهدف بث الفوضى ومنع الحكومة من تعزيز الاستقرار.
قد يلجأ التنظيم إلى استهداف الأقليات، لإيهام الرأي العام بأن السلطة غير قادرة على حماية هذه الفئات وبث إشاعات حول هجمات مستقبلية.
تجنيد عناصر من خلفية جهادية منشقّة لتنفيذ مهام ضد قوات الأمن بذريعة التعاون مع التحالف الدولي.
تشير المصادر الغربية إلى أن عدد عناصر التنظيم حالياً لا يتجاوز ثلاثة آلاف عنصر، بينما يُقدّر عدد القادة في سجون قسد بحوالي 1500، وعدد الموالين للتنظيم في مخيم الهول يبلغ 15 ألف شخص مع عائلاتهم.
الخلاصة
تنظيم الدولة الإسلامية يعيد تشكيل خلاياه من جديد، ولكن بأسلوب مختلف عن الماضي، يتمثل في:
1.الانصهار ضمن المجتمعات المحلية، دون إنشاء معسكرات كما في السابق.
2.العمل بأسلوب الخلايا المنفردة والتحرك بشكل مباغت ضد أهداف محددة.
3.استخدام أساليب حديثة للتخفي وتجنب المواجهة المباشرة، مع الاستفادة من الفراغ الأمني وانتشار الاستياء الشعبي.
المراجع:
مؤسسة RAND للدراسات الأمنية
تقارير الجزيرة نت عن عمليات التنظيم
تقارير Washington Institute للدراسات الأمنية