تعيين غوفمان رئيساً للموساد: الولاء أم الكفاءة؟

2025.12.06 - 11:17
Facebook Share
طباعة

 أثار إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعيين سكرتيره العسكري الجنرال رومان غوفمان رئيساً جديداً لجهاز الاستخبارات الخارجية "الموساد" موجة واسعة من الجدل والنقاش داخل الأوساط السياسية والأمنية في إسرائيل، وسط تحذيرات من تداعيات هذا القرار على استقلالية الجهاز وطبيعة عمله العملياتي والاستخباراتي.

ويثير سجل غوفمان المهني شبهات حول مدى كفاءته، إذ سبق أن قدم، أثناء مراحل ترقيته العسكرية، تقريراً احتوى على معلومات غير دقيقة، ويشير النقاد إلى أن صعوده في المناصب لم يكن نتيجة خبرته أو كفاءته، بل لعلاقته الوثيقة برئيس الوزراء.

ويرى محللون ومسؤولون سابقون في الموساد أن هذا التعيين يعكس توجهاً متزايداً لدى نتنياهو لترسيخ نفوذ سياسي مباشر داخل الأجهزة الاستخباراتية، في خطوة قد تمس بثقافة الموساد القائمة على المهنية، السرية، والحياد. ويشير هؤلاء إلى أن غوفمان يفتقر إلى الخلفية الاستخباراتية المطلوبة، ولا يمتلك خبرة كافية في الإدارة التنظيمية المعقدة أو في طبيعة العمل العملياتي، الذي يشكل جوهر نشاط الموساد.


أهداف نتنياهو: الولاء فوق الاحترافية
وفق المحللين، فإن إدخال شخصية بلا خبرة استخباراتية قد يؤدي إلى اهتزاز ثقة العاملين بالجهاز ويضعف الأداء الداخلي، وهو ما يعكس رغبة نتنياهو في إحكام قبضته على الموساد، في مسار مشابه لتعيين الجنرال ديفيد زيني على رأس جهاز الأمن الداخلي "الشاباك".

وتشير تقارير متعددة إلى أن التدخل السياسي في التعيينات الحساسة داخل الأجهزة الأمنية يثير قلقاً متزايداً لدى المسؤولين السابقين، ويشكل محاولة لترسيخ النفوذ السياسي المباشر، بما قد يغير طبيعة عمل الموساد والشاباك التقليدية، والتي تقوم على المهنية والحياد.

ويطرح التعيين تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين القيادة السياسية والمؤسسة الاستخباراتية في إسرائيل، وتأثير ذلك على قدرة الجهاز في التعامل مع التحديات الإقليمية المتصاعدة.


قراءة محللين: السياسة تتقدم على الخبرة
يرى المحلل العسكري أمير أورين أن تعيين غوفمان ليس خطوة مهنية بقدر ما هو قرار سياسي يهدف إلى تعزيز قبضة نتنياهو على الجهاز، مع اختيار شخصيات تضمن الولاء المطلق أكثر من الكفاءة المهنية.

ويشير أورين إلى أن غوفمان، رغم كونه ضابطاً مقاتلاً، يفتقر للخبرة العملياتية والاستخباراتية الجوهرية التي شكلت أساس صعود رؤساء سابقين للموساد. ويصفه بأنه "لواء بلا مسار استخباراتي" تم نقله إلى المنصب بناءً على قرار سياسي لأسباب خارجية، وهو ما يعكس نمطاً متكرراً في عهد نتنياهو يعتمد على معيار الولاء الشخصي في اختيار قادة الأجهزة الأمنية.

ويضيف أورين أن الهدف من التعيين هو تهيئة بيئة داخل الموساد تسمح بتوسيع نفوذ مبعوث نتنياهو، رون ديرمر، في إدارة الملفات الحساسة، وهو توجه يعكس تحولا في فلسفة إدارة الأمن القومي الإسرائيلي، حيث تصبح الاعتبارات السياسية أهم من الكفاءة المهنية والخبرة الاستخباراتية.


زلزال محتمل في الجهاز
من جانبه، يرى المحلل السياسي أمنون لورد أن التعيين قد يطلق ما وصفه بـ "زلزال داخل الموساد"، حيث يمثل التعيين خروجا عن المسار التقليدي لصناعة النخب الأمنية في إسرائيل.

ويشير لورد إلى أن غوفمان لم يتدرج في دوائر النخبة الرمزية مثل "سييرت متكال"، بل جاء من قلب العمل العسكري القتالي المباشر، وهو انتقال غير مسبوق من ساحة المعركة إلى قمة الجهاز الاستخباراتي، ويشكل تحولاً في فلسفة إدارة الأمن القومي.

ويرى الكاتب أن هذا التوجه يعكس موجة جديدة يقودها نتنياهو تعتمد على اختيار قادة أمنيين موالين سياسياً، قادرين على تنفيذ رؤيته دون الاعتماد على إرث "نخبوي" أو استقلالية مؤسساتية مزعجة، وهو ما قد يثير جدلاً في المحكمة العليا وأنصارها حول "العقد غير المكتوب" بشأن كيفية اختيار رؤساء الأجهزة الأمنية.


تعيين غوفمان يعكس توجهاً خطيراً نحو توظيف الأجهزة الاستخباراتية كأدوات سياسية، وهو ما قد يضعف المهنية داخل الموساد ويؤثر على قدرته في التعامل مع التحديات الإقليمية، خصوصاً في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط.

كما أن هذا النهج قد يؤدي إلى فقدان الثقة بين القيادات المهنية والعاملين بالجهاز، وربما يدفعهم إلى الاستقالة أو الانسحاب، مما يخلق فجوة في الخبرة والقدرة العملياتية، ويزيد من سيطرة السياسة على القرارات الاستخباراتية الحساسة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 2