تركيا تدخل نادي الصواريخ فرط الصوتية بصاروخ "تايفون بلوك-4"

2025.12.06 - 10:05
Facebook Share
طباعة

 في يوليو/تموز الماضي، كشفت الصناعات الدفاعية التركية خلال معرض الدفاع الدولي (IDEF) في إسطنبول عن أول صاروخ فرط صوتي تصنعه تركيا محليًا، حيث أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان أن أنقرة "تزيح الستار عن أول صاروخ فرط صوتي مُصنَّع في تركيا"، في خطوة تعد من أبرز مشاريع البلاد في مجال التسلح المتقدم.

يحمل الصاروخ اسم "تايفون بلوك-4"، ويُعد مرحلة مفصلية ضمن برامج الصواريخ التركية، إذ ينتمي إلى فئة الصواريخ الباليستية القادرة على التحليق بسرعات تفوق 5 ماخات (أي نحو 6 آلاف كيلومتر في الساعة)، وهو ما يجعله ضمن مجموعة الصواريخ فرط الصوتية التي تتقنها فقط عدد محدود من الدول حول العالم، مثل الصين وروسيا وإيران والولايات المتحدة.

 

القدرات والاختبارات

تشير الجهات الرسمية التركية إلى أن مدى الصاروخ يتراوح بين 800 و1000 كيلومتر، ما يعزز قدرات الردع ويتيح عمليات بعيدة المدى. ووفق المدير التنفيذي لشركة "روكيتسان" مراد إكينجي، فإن امتلاك منظومة فرط صوتية محلية "يوفر مستوى حاسماً من الردع" ويدعم قدرة تركيا على تعزيز أمنها بالاعتماد على الذات.

بعد الإعلان الأول، دخل الصاروخ مرحلة اختبارات ميدانية مكثفة، حيث أعلنت المصادر الدفاعية التركية في 25 أكتوبر/تشرين الأول عن نجاح تجربة إصابة هدف بحري على مسافة تزيد عن 500 كيلومتر. أُطلق الصاروخ من منصة أرضية متنقلة، محققًا سرعة تجاوزت 5 ماخات، مع معدل خطأ دائري لا يتجاوز 5 أمتار، وهو ما يؤكد قدرته على ضرب أهداف متحركة بدقة عالية، ويفتح المجال أمام استخدامه ضد السفن، وليس فقط الأهداف الأرضية الثابتة.

وأكدت الجهات الرسمية التركية أن هذه التجربة تمثل محطة مفصلية في برنامج الصواريخ فرط الصوتية، مع إعلان بدء الإنتاج الكمي لصاروخ بلوك-4 عام 2026.

 

الخصائص التقنية

ينتمي تايفون بلوك-4 إلى الصواريخ الباليستية فرط الصوتية، ويتميز بامتلاكه رأساً حربياً قادراً على المناورة في مرحلته النهائية، ما يزيد صعوبة اعتراضه مقارنة بالصواريخ الباليستية التقليدية.

يبلغ طول الصاروخ نحو 10 أمتار، وقطره حوالي متر، ويزن نحو 7200 كيلوغرام عند الإطلاق، ويستخدم محركاً بالوقود الصلب يمنحه سرعة وجاهزية إطلاق عالية، ويُطلق من منصة متنقلة طراز "فولات" (VOLAT)، مما يتيح مرونة عالية في المناورة قبل الإطلاق. يعتمد النظام على ملاحة بالقصور الذاتي مدعومة بالأقمار الصناعية لتحقيق دقة عالية، بينما الرأس الحربي مصمم للتعامل مع الأهداف المحصنة ومواقع البنية التحتية الحيوية.

يتجاوز الصاروخ معظم مساره بسرعات فرط صوتية، مما يشكل تحديًا لمنظومات الدفاع الصاروخي مثل باتريوت باك-3 الأميركية أو إس-300 الروسية، مع خطط لزيادة المدى في النسخ المستقبلية إلى أكثر من ألف كيلومتر.

 

تاريخ البرنامج الصاروخي التركي

يأتي تايفون بلوك-4 كحصيلة تراكم عقود من التطوير، بدءًا من التعاون التقني مع الصين في التسعينيات، مرورًا بصواريخ بورا وبورا-2، ثم نسخ تايفون الأولى. أول اختبار رسمي لصاروخ تايفون كان في أكتوبر/تشرين الأول 2022، حيث قطع 561 كيلومترًا في نحو 456 ثانية بدقة عالية، تلاه اختبار آخر في مايو/أيار 2023، وأخيرًا نسخة بلوك-4 الفعلية في 2025.

البرنامج يعكس توجه أنقرة نحو الاستقلالية الإستراتيجية وتقليل الاعتماد على التكنولوجيا العسكرية الأجنبية، مع التركيز على السرعة والدقة والقدرة على المناورة.

 

الدوافع الإستراتيجية

يُعتبر تايفون بلوك-4 أكثر من مجرد صاروخ؛ فهو أداة استراتيجية للردع تمنح تركيا قدرة على تهديد الأهداف الحيوية في عمق أراضي الخصوم خلال زمن إنذار قصير. وقد أكد المسؤولون الأتراك أن الصاروخ يعزز الاستقلالية الدفاعية التركية، ويساهم في توسيع هامش المناورة السياسية والعسكرية في البحر المتوسط والبحر الأسود، وفي مواجهة أي محاولات لفرض قيود على برامج الدفاع التركية.

 

الردود الدولية

رغم إشادة بعض المراقبين بالتقدم التقني التركي، يرى آخرون أن الصاروخ يختلف عن أكثر الأنظمة تقدماً في روسيا والصين، لكنه يمثل قفزة نوعية مقارنة بالبرامج السابقة. ويعترف الخبراء الغربيون أن أي صاروخ فرط صوتي يقلص زمن رد فعل الخصوم إلى ثوانٍ محدودة، ما يثير القلق، خصوصًا في ظل اتجاه تركيا نحو مزيد من الاعتماد على الذات في البرامج الدفاعية المتقدمة.

بهذا المعنى، يُعد صاروخ تايفون بلوك-4 بداية مرحلة جديدة في تطوير القدرات الصاروخية التركية، مع تأثير محتمل على توازنات الردع الإقليمي وإعادة صياغة الحسابات العسكرية في المنطقة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 10