أبحاث إسرائيلية تكشف أزمة بنيوية تضرب الجيش والمجتمع
في أعقاب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يمرّ الجيش والمجتمع الإسرائيليان بتحولات جوهرية تعكس أزمة هيكلية عميقة داخل مؤسسات الدولة، وفقًا لتحليل الباحث أساف ديفيد، أستاذ الجامعة العبرية في القدس الحدث لم يكن مجرد هجوم عسكري، وانما نقطة تحوّل كشفت هشاشة منظومة القيادة والانضباط داخل الجيش الإسرائيلي، حيث ظهر تيار ديني مسيحياني متطرف يمتلك نفوذًا كبيرًا، مؤثرًا على الاستراتيجيات العسكرية والسياسات الداخلية، ومحوّلًا الجيش إلى ما يشبه "جيش مليشيات" متفلت من القيود التقليدية للقيادة المركزية.
وفقًا لديفيد، المجتمع الإسرائيلي قبل الهجوم كان يعيش حالة إنكار مطلقة تجاه قسوة الاحتلال على غزة، وكان الانتباه العام محدودًا إلى أي تداعيات فعلية على السكان الفلسطينيين لكن بعد "طوفان الأقصى"، انهارت الثقة بالمؤسسات، وانتشرت رغبة انتقامية واسعة داخل الجيش بدعم من القيادة السياسية، ما أدى إلى انفلات في السلوك العسكري وتوسيع الهجمات دون محاسبة واضحة أفعال الجنود والضباط، خاصة أولئك المنتمين للتيار المسيحاني، صارت أحيانًا مستقلة عن أوامر القيادة، مع تبني بعض الجنرالات خططًا وصفها ديفيد بأنها ذات طابع تطهيري تجاه غزة، تضمنت استراتيجيات لإجبار السكان على الرحيل وتقليل المقاومة المحلية.
ديفيد يرى أن هذه التحولات أنتجت مجتمعًا عسكريًا متشددًا مشبعًا بالقسوة، وأدى غياب الحلول السياسية وتفاقم القومية الدينية إلى نزع الإنسانية عن الفلسطينيين وتعزيز ثقافة العنف داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه كما أن القيادة السياسية، من خلال تصريحات رئيس الأركان وبعض الوزراء، كرّست حالة الفوضى، وخلقت بيئة مؤاتية لانفلات القوات العسكرية، ما زاد من التوتر الداخلي وأضر بالمستوى الأخلاقي للجيش.
هذا التحول له آثار طويلة الأمد على المنطقة برمتها، إذ يربط الباحث بين التشدد العسكري المتزايد وإمكانية تصعيد الأوضاع في غزة، لبنان، وربما حتى إيران، مع تعزيز النفوذ الأميركي في مناطق حساسة عبر إقامة قواعد جديدة داخل الأراضي الإسرائيلية.
ديفيد يحذر من أن هذا الاتجاه نحو مجتمع عسكري متشدد، مدعوم بإيديولوجيا قومية دينية، يمثل أخطر تهديد على الدولة الإسرائيلية نفسها وعلى الاستقرار الإقليمي، إذ قد يغدو الانفلات العسكري والسياسي قاعدة دائمة للصراع.
