تقدّم المنظمات الحقوقية الإسرائيلية هذا العام صورة غير مسبوقة لحجم الانهيار الإنساني في الأراضي الفلسطينية، إذ تُظهر المعطيات أن مستوى القتل والتدمير صعد إلى درجة تُقارب الانفلات الكامل من أي ضوابط سياسية أو قانونية وتشير النتائج إلى انتقال إسرائيل نحو نمط عملياتي يعتمد القوة المفرطة، ويُنتج واقعاً يتجاوز كل ما وثّقته المؤسسات الحقوقية منذ احتلال عام 1967، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية.
ووفق التقرير المشترك، شهد عام 2025 تضاعفاً كبيراً في أعداد الضحايا مقارنة بعامي 2023 و2024 فقد جرى توثيق أكثر من 36 ألف قتيل في غزة بحلول مايو/أيار 2024، ثم ارتفع الرقم في أكتوبر/تشرين الأول 2025 إلى 67 ألفاً و173، بينهم 20 ألف طفل ونحو 10 آلاف امرأة، إضافة إلى 10 آلاف جثة لا تزال تحت الأنقاض، فيما تجاوز عدد الجرحى 170 ألفاً.
ويرصد التقرير تحوّل سياسة التجويع إلى سبب مباشر لوفاة السكان، إذ أدى الانهيار الكامل لمنظومة الإمدادات الغذائية والإنسانية إلى وفاة 13 ألف طفل جراء سوء التغذية الحاد، قبل إعلان الأمم المتحدة المجاعة رسمياً في أغسطس/آب الماضي وتُعد هذه الحصيلة من أسوأ الكوارث الإنسانية المسجلة في غزة.
في الضفة الغربية، يوثّق التقرير تصاعداً خطيراً في عنف المستوطنين، مع تسجيل 1200 اعتداء خلال عامي 2023 و2024، إلى جانب ارتفاع عدد المعتقلين الإداريين إلى 3577 معتقلاً، وهو ما يمثل ثلاثة أضعاف المعدل الذي سبق الحرب كما رصدت المنظمات الحقوقية 98 وفاة لفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية، نتيجة التعذيب وغياب العلاج وظروف الاحتجاز القاسية.
ويذهب التقرير إلى أن الأوضاع خلال العام الجاري تكشف منظومة سلطوية تمارس القوة من دون قيود، وتواصل خرق القانون الدولي بشكل منهجي، مع تفكك القيم التي تدّعي إسرائيل الالتزام بها ويخلص إلى أن هذا الواقع يجعل أي حديث عن "دفاع عن النفس" غير قائم أمام حجم الانتهاكات المسجلة.
يواصل الجيش الإسرائيلي والمستوطنون في تنفيذ عمليات عسكرية وتوغلات في الضفة الغربية منذ بداية الحرب على غزة، ما أدى إلى استشهاد 1085 فلسطينياً، وإصابة قرابة 11 ألفاً، واعتقال أكثر من 21 ألف شخص.
ومن بين المنظمات الموقّعة على التقرير: "مسلك"، "بمكوم"، جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل، واللجنة الشعبية لمناهضة التعذيب، إضافة إلى مجموعات حقوقية إسرائيلية أخرى.