الرسائل الخفية في تصريحات ترامب عن سوريا

2025.12.02 - 10:58
Facebook Share
طباعة

 أعرب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن رضاه الكبير تجاه مسار الأحداث في سوريا خلال المرحلة الراهنة، مشددًا على أهمية أن تحافظ إسرائيل على “حوار قوي وصادق” مع الحكومة السورية، باعتباره شرطًا أساسيًا لتسهيل مسار السلام في المنطقة ومنع أي خطوات قد تُعرقل جهود بناء دولة سورية مستقرة ومزدهرة. واعتبر ترامب أن المرحلة الحالية تشكّل فرصة تاريخية لإرساء أسس التعاون بين دمشق وتل أبيب، بعد سنوات طويلة من الصراعات وعدم الاستقرار، مؤكدًا أن بلاده ستواصل دعم الحكومة السورية في تنفيذ الخطط الضرورية لتحقيق التنمية والازدهار.

كما أشاد ترامب بالجهود التي يبذلها الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، واصفًا إياه بـ”القائد القادر على تحقيق نتائج إيجابية”، مؤكدًا أن العمل الدؤوب والتصميم المستمر هما أساس ما وصفه بـ”النجاحات التي تحققت في سوريا خلال الفترة الأخيرة”. وفي منشور له على منصة "تروث"، أوضح الرئيس الأمريكي أن بلاده تتخذ كل الإجراءات لضمان استمرار الحكومة السورية في تنفيذ مهامها الوطنية، بما يشمل رفع العقوبات السابقة التي وصفها بـ”القاسية”، والتي ساهمت – بحسبه – في تسهيل تنفيذ السياسات الاقتصادية والاجتماعية الجديدة، كما لاقت هذه الخطوة تقدير القيادة السورية والشعب على حد سواء.

وفي السياق نفسه، أجرى ترامب اتصالًا هاتفيًا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث ناقش الطرفان إمكانية توسيع اتفاقيات السلام بين البلدين، مع التركيز على تفكيك سلاح حماس وتهدئة الأوضاع في قطاع غزة، فضلًا عن بحث ترتيبات لتعزيز الاستقرار الإقليمي. وأشار مكتب نتنياهو إلى أن الطرفين بحثا أيضًا موعد زيارة محتملة للبيت الأبيض، والتي قد تكون الخامسة لنتنياهو منذ عودة ترامب إلى السلطة، في إطار متابعة الجهود الأمريكية لدعم مسار السلام.

وتأتي تصريحات ترامب بعد العملية العسكرية الإسرائيلية في بلدة بيت جن بريف دمشق، والتي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، ما دفع الإدارة الأمريكية إلى التأكيد على ضرورة الحوار والتوافق بين الطرفين لتجنب أي تصعيد إضافي. كما أكدت الخارجية السورية بعد لقاء ترامب والشرع أن اللقاء استمر أكثر من ساعة، وأشاد الرئيس الأمريكي بالقيادة السورية الجديدة وبالجهود المبذولة لإنجاح المرحلة الانتقالية، مؤكدًا دعم الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق أمني يعزز الاستقرار في المنطقة ويمهد الطريق لإعادة البناء والتنمية في سوريا.


1. الرسالة الظاهرية: دعم سوريا وتشجيع الحوار مع إسرائيل
تصريح ترامب يركز على أن الولايات المتحدة راضية عن مسار الحكومة السورية الجديدة ويثني على الرئيس أحمد الشرع، معتبرًا أن “النجاحات تحققت نتيجة عمل دؤوب وتصميم”. على السطح، هذا يبدو دعمًا صريحًا للحكومة السورية، مع تشجيع إسرائيل على الحفاظ على الحوار بدل التصعيد العسكري.

???? دلالته: ترامب يريد أن يظهر أن الولايات المتحدة تقف في موقع وساطة، وتُبقي إسرائيل ضمن إطار الدبلوماسية، بدل اتخاذ خطوات أحادية قد تعقد الوضع في سوريا.


2. التخلي عن العقوبات: إشارة للاعتراف بالمرحلة الانتقالية
ترامب ذكر أن قراره السابق بإنهاء عقوبات قوية ساعد الحكومة السورية ولاقى تقديرًا من القيادة السورية.
???? دلالته: محاولة لإظهار أن الولايات المتحدة ليست عقبة أمام إعادة البناء، وأنها مستعدة لتسهيل الاقتصاد والسياسات الداخلية، ما يعطي الحكومة السورية شرعية دولية مؤقتة.


3. التركيز على المصالح الأمريكية–الإسرائيلية المشتركة
الاتصال مع نتنياهو، والتأكيد على تفكيك سلاح حماس وتهدئة قطاع غزة، يعكس اهتمام ترامب بحفظ الأمن الإسرائيلي، بينما يحاول توجيه الحوار نحو حلول توافقية دون مواجهة مباشرة.

???? دلالته: الولايات المتحدة تحاول ضمان أن أي اتفاق مع سوريا لا يأتي على حساب إسرائيل، ما يشير إلى أن الدعم الأمريكي محدود ومرتبط بالمصالح الإسرائيلية في المنطقة.


4. القراءة الرمزية: استغلال المرحلة الانتقالية في سوريا
ترامب يصف سوريا بأنها “فرصة تاريخية” ويشير إلى أن الشرع قادر على تحويلها إلى دولة مزدهرة.
???? دلالته: هذه التصريحات تُرسل إشارات إيجابية للسوريين والدبلوماسيين، لكنها أيضًا أداة ضغط على الفصائل الداخلية في سوريا، لإظهار أن المرحلة الانتقالية مراقبة دوليًا، وأن استمرار الدعم الأمريكي مرتبط بمدى التقدم السياسي والاقتصادي.


5. تحليل الاستراتيجية العامة
الرسالة للسوريين: نحن نتابعكم، ونقدر قيادتكم الجديدة، والدعم الأمريكي ممكن إذا التزمتم بالسلام والتعاون الإقليمي.

الرسالة لإسرائيل: لا خطوات أحادية ضد سوريا، وادعموا الحوار إذا أردتم استقرار المنطقة.

الرسالة للمجتمع الدولي: أمريكا تعمل كوسيط مسؤول، مع الحفاظ على مصالح حلفائها.


الخلاصة: التصريحات مزيج من دبلوماسية المدح والتحفيز مع تأكيد على مصالح استراتيجية أمريكية–إسرائيلية. هي رسالة معقدة تُظهر الدعم الظاهر، لكنها تضع سوريا تحت رقابة ومقاييس محددة، مع الحفاظ على صورة ترامب كوسيط محايد وقوي.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 8