ذخائر وسط السكان… أزمة خطيرة تتفاقم في إدلب

2025.12.01 - 08:17
Facebook Share
طباعة

 تواجه المناطق المدنية في محافظة إدلب خطرًا متزايدًا ناجمًا عن وجود مستودعات أسلحة وذخائر تنتشر داخل الأحياء السكنية وبالقرب من تجمعات المدنيين، بدلًا من وجودها في مواقع عسكرية مخصصة لها. وتظهر هذه المستودعات بقدرات تحصين ضعيفة وإجراءات سلامة شبه معدومة، ما يجعلها عرضة للانفجار في أي لحظة، مُهددة المدنيين الذين أنهكتهم سنوات من القصف والدمار.

شهدت الأشهر الماضية سلسلة انفجارات متتالية في مستودعات الذخائر المنتشرة داخل مناطق مأهولة، وأدت إلى خسائر بشرية وإصابات متعددة، إضافة إلى حالة واسعة من الذعر، في ظل غياب إجراءات واضحة تبعد المدنيين عن هذه المواقع شديدة الخطورة. ويُعدّ خطر هذه المستودعات أكبر بكثير من مخلفات الحرب المتناثرة في الأراضي الزراعية والمناطق المفتوحة، نظرًا لحجم الذخائر والمواد المتفجرة المخزنة فيها.


موجة انفجارات متتابعة
تشهد المحافظة منذ عدة أشهر حوادث انفجار متكررة، عزت الجهات الرسمية بعضها إلى عوامل طبيعية كالحرارة المرتفعة، أو إلى أخطاء بشرية أثناء التعامل مع الذخائر. وبلغت ذروة هذه الحوادث خلال شهر تموز الماضي، إذ وقع انفجار قرب بلدات في ريف إدلب الغربي، تلاه انفجار كبير سُمع صداه في مناطق واسعة، وسط مناشدات لإرسال فرق إطفاء وإسعاف.

وفي حادث آخر بشمال الفوعة، انفجر مستودع يضم ألغامًا وصواريخ من مخلفات الحرب، ما أدى إلى إصابات وإغماءات بسبب قوة الانفجار وقربه من المناطق السكنية.


انفجار كبير في منطقة مكتظة
وقع أحد أعنف الانفجارات في منطقة معرّة مصرين، داخل موقع قريب من مخيمات للمهجّرين. وأسفر الحادث عن سقوط قتلى وإصابة أكثر من مئة شخص بجروح متفاوتة، إضافة إلى دمار واسع في محيط المستودع. ولم يكن السكان على علم بوجود منشأة ذخيرة في تلك المنطقة المزدحمة.

أُعلن لاحقًا أن الانفجار ناتج عن سوء تخزين للذخائر، وأُشير إلى العمل على تقديم تعويضات مالية للضحايا والمصابين والمتضررين من الممتلكات، بقيمة تجاوزت مليون دولار، تُصرف على عدة دفعات خلال فترة محددة.


استمرار الحوادث
على الرغم من الوعود باتخاذ إجراءات وقائية، تواصلت الانفجارات في الأشهر التالية، من بينها انفجاران متزامنان في موقع زراعي قرب مناطق سكنية، أدّيا إلى سقوط قتلى وجرحى. كما وقع انفجار جديد في تشرين الثاني، خلّف ضحايا من العاملين في أحد مستودعات الذخيرة، وأدى إلى إصابات بين مدنيين كانوا يعملون في جني محاصيلهم، بالإضافة إلى دمار واسع في المنطقة.

تشير المعلومات الأولية إلى أن بعض تلك الانفجارات قد تكون مرتبطة بأعمال ورشات تعمل بجوار المستودعات، أو نتيجة تأثير الحرارة والأعمال العشوائية في مواقع غير مؤهلة للتعامل مع هذا النوع من المواد شديدة الحساسية.


خلل في معايير التخزين والسلامة
تُظهر هذه الحوادث ضعفًا كبيرًا في الأساليب المستخدمة لتخزين الذخائر، وغيابًا للمعايير الهندسية التي تتطلبها المستودعات العسكرية. فالمستودعات الآمنة يجب أن تكون معزولة ومحصنة من الداخل والخارج، ومحمية من العوامل الطبيعية كالرطوبة والحرارة، وألا تُقام داخل أو بالقرب من مناطق مأهولة. كما ينبغي ألا تُستخدم بالقرب منها أي مصادر للطاقة أو أعمال حدادة قد تولّد شرارات أو حرارة.


وجود خطير وسط السكان
تتواجد بعض المستودعات وسط أحياء سكنية أو بالقرب منها، وتُجرى أعمال مختلفة بجانبها دون اتخاذ تدابير احترازية، ما أدى إلى تكرار حالات الانفجار. ورغم محاولات بعض الجهات المختصة تقليل وجود المدنيين في هذه المناطق، فإن الواقع يفرض صعوبات عديدة، خاصة مع وجود مدنيين يجمعون مخلفات الحرب بهدف بيعها، ما يجعل ضبط هذه المواقع مهمة شديدة التعقيد.


انفجارات أخرى مرتبطة بمخلفات الحرب
إلى جانب مستودعات الذخائر الرسمية، تشهد المنطقة انفجارات ناجمة عن تخزين المدنيين لمخلفات الحرب داخل منازلهم أو ورشاتهم. وقد أدى ذلك لوقوع حوادث مأساوية، منها انفجار في إحدى البلدات نتج عنه ضحايا من عائلة واحدة، وحادث آخر في محل للخردوات أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى.

تدل هذه الحوادث مجتمعة على أن مشكلة الذخائر غير الآمنة في إدلب، سواء داخل المستودعات الرسمية أو بين أيدي المدنيين، ما تزال تشكل خطرًا مستمرًا يتطلب حلولًا عاجلة وإجراءات سلامة حقيقية لحماية السكان من انفجارات قد تتكرر في أي وقت.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 9