وسط أجواء من التوترات السياسية والأمنية، استقبلت ساحة الشهداء في بيروت البابا لاوون الرابع عشر في لقاء مسكوني وحواري جمع القيادات الدينية اللبنانية، حيث تناقش المجتمعون قضايا الوحدة الوطنية، حماية المدنيين، والتحديات الأمنية التي يفرضها الاعتداء الإسرائيلي على لبنان. جاء هذا اللقاء ليجسد التلاقي بين البعد الديني والوطني في مرحلة دقيقة تمر بها البلاد.
حيث استعرض نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ علي الخطيب، الواقع الأمني والسياسي في لبنان، مسلطًا الضوء على العدوان الإسرائيلي المستمر وآثاره على الجنوب اللبناني.
أكد الخطيب أن لبنان يعيش مرحلة دقيقة تستدعي توحيد الصفوف والحفاظ على التعايش بين الطوائف، مشيرًا إلى أن غياب الدولة أحيانًا دفع السكان للدفاع عن أنفسهم في مواجهة الاعتداءات، لكنه شدد على أنّ اللبنانيين ليسوا هواة حمل السلاح، وأن المقاومة جاءت كضرورة وليس خيارًا طبيعيًا. وأضاف أن استمرار الانقسامات الداخلية يزيد من هشاشة الدولة ويعرقل جهود حماية المدنيين، ويجعل المعابر الحدودية والمناطق الجنوبية عرضة للمخاطر.
جاءت تصريحات الخطيب في سياق محاولة لبنان إيصال رسائل واضحة إلى المجتمع الدولي حول حماية المدنيين وحق الدولة في فرض الأمن، مؤكدًا أن المطلوب دعم دولي لضمان استقرار البلاد ومنع توسع العدوان الإسرائيلي. وأضاف أنّ الزيارة البابوية تمثل فرصة لتسليط الضوء على المعاناة الإنسانية والتحديات السياسية، من خلال الجمع بين البعد الوطني والديني، ولفت أن تعزيز الوحدة الوطنية يظل أولوية لمواجهة التهديدات الخارجية والداخلية على حد سواء.
تحليل التصريحات يظهر أن لبنان يقف أمام معضلة مزدوجة: حماية المدنيين وتأمين الاستقرار الداخلي، مع مواجهة الضغوط الإقليمية والدولية الناتجة عن العدوان الإسرائيلي المستمر، وفي الوقت ذاته الحفاظ على وحدة الدولة وسيادتها.
يشير مراقبون إلى أن الرسائل التي نقلها الخطيب تعكس موقف المقاومة الرسمي من حيث الانخراط تحت جناح الدولة عند الضرورة، لكنها لا تخلو من التحذير من استمرار السياسات العدوانية التي قد تؤدي إلى تصعيد جديد.
من هنا، يشكل خطاب الخطيب مزيجًا من التأكيد على الوطنية والتحليل السياسي، إذ يربط بين دور الدولة والمجتمع الدولي وحماية السكان، ويضع إطارًا لفهم العلاقة بين المقاومة اللبنانية والسياسات الإسرائيلية دون أن يغفل البعد الإنساني والاجتماعي للمعاناة التي يواجهها الجنوب.