هل ستقود الأزمات المائية القادمة إلى صراعات حدودية؟
يعاني لبنان والمنطقة العربية عامة من أزمة مائية حادة، نتيجة تداخل العوامل المناخية والسياسية والإدارية.
لبنان يشهد انخفاضاً كبيراً في معدلات الأمطار هذا العام، مع تباطؤ ذوبان الثلوج وتراجع قدرة التخزين الجوفي والسطحي، مما يفاقم شح المياه ويزيد من الضغط على المجتمعات المحلية، ولاسيما في مناطق مثل شكا، حيث يضيع جزء كبير من المياه في البحر قبل الاستفادة منها.
الجفاف ليس حالة منفصلة، بل جزء من اتجاهات مناخية أوسع تتأثر بظاهرة "لانينيا" التي تقلص معدل الهطول وتزيد من التذبذب في الطقس وتشير الدراسات الأولية إلى أن لبنان فقد نحو 20% من متساقطات الأمطار المعتادة، مما يضع البلاد على حافة أزمة مائية متجددة كل سنتين أو ثلاث سنوات، مقارنة بفترات سابقة كانت تشهد جفافاً مرة كل ست سنوات تقريباً.
المشكلة تتجاوز الحدود اللبنانية، إذ أن تركيا تتحكم حالياً بموارد مياه رئيسية عبر بناء 21 سدًا، مما يقلل من كمية المياه التي تصل إلى العراق وسوريا هذا التحكم في الموارد يخلق توترات محتملة بين الدول على المياه، خاصة مع تراجع الأنهار وتزايد الطلب على المياه في إيران والعراق وسوريا.
في السياق نفسه، تواجه إسرائيل تحديات مماثلة، إذ تعاني بحيرة طبريا من انخفاض مستويات المياه وارتفاع الملوحة، بينما تُظهر ممارساتها في السيطرة على أودية الأنهار مثل الليطاني واليرموك، ومحاولة الاستفادة من الموارد المائية العابرة للحدود، كيف يمكن أن تتحول أزمة المياه إلى أداة سياسية واستراتيجية لتعزيز النفوذ الإقليمي.
بالمحصلة، أن الصراعات المستقبلية في المنطقة قد تتعلق بشكل رئيسي بالسيطرة على الموارد المائية، لا بالسياسة وحدها النقص الحاد في المياه يضع المجتمعات في مواجهة مباشرة مع التغير المناخي وسوء إدارة الموارد، ويزيد من احتمالات النزاعات بين الدول والشعوب.
وفق خبراء، المؤشرات العلمية والسياسية إلى إعادة النظر في آليات تخزين المياه، واستثمار التقنيات الحديثة للري وتحلية المياه، وإيجاد توافق إقليمي لإدارة الأنهار المشتركة، لتجنب تفاقم الأزمات الإنسانية والسياسية في المستقبل.
يرى مراقبون أن لبنان، مثل دول الجوار، بحاجة إلى استراتيجيات عاجلة للحفاظ على المياه وضمان أمنها الغذائي والاجتماعي، قبل أن تتحول أزمة طبيعية إلى صراع إقليمي محتمل.
