يناقش مجلس الوزراء اليوم مشروع قانون يقضي بإلغاء 2600 وظيفة من ملاك الإدارة العامة، في إطار خطة أوسع لتنظيم الهيكل الوظيفي الرسمي.
القرار جاء بناءً على اقتراح من مجلس الخدمة المدنية الذي أعد دراسة شاملة لتوزيع المجالات الوظيفية إلى 22 مجالاً و135 عائلة وظيفية، مع التركيز على المراكز الشاغرة التي ستقلل الأثر المباشر على الموظفين الحاليين، وفق مصادر لوسائل إعلام محلية، معظم الوظائف المستهدفة شاغرة، بينما سينتقل الموظفون القليلون المشغّلون لمراكز أخرى دون المسّ بحقوقهم.
الهدف الرسمي للمشروع هو خفض عدد وظائف الدولة من 28 ألفاً إلى نحو 18 ألفاً، مع خطط مستقبلية لإلغاء 10 آلاف وظيفة إضافية، مما يعكس توجه الحكومة لتقليص حجم القطاع العام بشكل ملحوظ.
من جهة، ترى الحكومة أن إعادة الهيكلة ستساهم في رفع الكفاءة الإدارية وتخفيف الأعباء المالية، لكن من زاوية أخرى، يُنظر إلى القرار على أنه امتثال لضغوط المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، اللذين يطالبان دوماً بتقليص عدد الوظائف العامة كجزء من سياسات الإصلاح المالي.
يرى خبراء اقتصاديون إن هذه الخطوة قد تحقق بعض المكاسب المالية قصيرة المدى، لكنها تثير تساؤلات حول التخطيط طويل المدى للقطاع العام، وإمكانية تأثيرها على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، خاصة إذا لم تصاحبها استراتيجية واضحة لتوزيع الموارد البشرية وتعزيز الكفاءة المؤسسية.
كما يحذر آخرون من أن التركيز على الإلغاء دون وجود خطة شاملة قد يؤدي إلى تفاقم البطالة وزيادة الاحتقان الاجتماعي، خصوصاً في الفئات التي تعتمد على وظائف الدولة كمصدر استقرار اقتصادي.
التحليل يشير إلى أن إلغاء هذه الوظائف، رغم أنه يبدو إجراءً تقنياً، يحمل بعداً سياسياً واقتصادياً، حيث يربط البعض بين القرار ومتطلبات التمويل الدولي والالتزام بالمعايير المالية العالمية.
كما يعكس الوضع التحديات التي تواجه القطاع العام، من حيث التوازن بين ترشيد النفقات وضمان حقوق الموظفين والحفاظ على فعالية المؤسسات العامة.
في المحصلة، خطوة إلغاء 2600 وظيفة، كما توضح دراسة مجلس الخدمة المدنية، ليست مجرد تعديل إداري، وانما تعكس مسار الحكومة نحو هيكلة أوسع للقطاع العام، وسط ضغوط محلية ودولية، وتطرح أسئلة جوهرية حول الاستدامة المالية والاجتماعية لهذه الإجراءات.