إسرائيل وسوريا على مفترق طرق: رفع سقف المطالب والوساطة الأميركية

2025.11.18 - 10:50
Facebook Share
طباعة

 تتصاعد التوترات بين إسرائيل وسوريا على خلفية المفاوضات غير المباشرة حول الجنوب السوري، حيث أعلنت إسرائيل أن المفاوضات وصلت إلى "طريق مسدود" بعد رفضها مطالب دمشق بالانسحاب الكامل من جميع النقاط التي احتلتها بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد في كانون الأول 2024.

وتبرر إسرائيل توغلها في المناطق السورية بأنه يهدف إلى منع تكرار أحداث "7 أكتوبر"، معتبرة أن اتفاق فض الاشتباك لعام 1974 أصبح غير فعال، في حين لا تزال سوريا متمسكة به. وفقًا لهيئة البث الإسرائيلية، رفضت تل أبيب طلب الرئيس السوري أحمد الشرع الانسحاب من المناطق المحتلة، مشيرة إلى أن الانسحاب الجزئي سيكون ممكنًا فقط في إطار اتفاق سلام شامل، وليس مجرد اتفاق أمني، وهو خيار لا يلوح في الأفق حاليًا.

الجهود السابقة للتوصل إلى اتفاق أمني بين الطرفين اصطدمت بعقبات عدة، أبرزها مطلب إسرائيل فتح "ممر إنساني" إلى محافظة السويداء بجنوب سوريا، وهو ما عطّل الاتفاق في اللحظة الأخيرة وفق مصادر مطلعة على المحادثات. هذا المطلب الإسرائيلي جاء ضمن سلسلة شروط وضعتها تل أبيب للضغط على دمشق، تشمل إقامة منطقة منزوعة السلاح، وتوسيع التوغل البري في الجنوب، إضافة إلى إنشاء قواعد عسكرية، ما دفع الرئيس السوري إلى التشدد في مطالبه بالعودة إلى الحدود قبل 8 كانون الأول 2024.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد أن الحكم على الرئيس السوري الجديد يعتمد على الأفعال العملية وليس على التصريحات، مشددًا على ضرورة نزع السلاح في جنوب غرب سوريا وحماية الأقلية الدرزية. وفي السياق نفسه، أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أنه لن تنضم سوريا إلى "اتفاقيات أبراهام"، وأن المفاوضات المباشرة مع إسرائيل غير مطروحة حاليًا، مع إبقاء الباب مفتوحًا لدور وساطة أمريكية برئاسة الرئيس دونالد ترامب.

الولايات المتحدة تلعب دور الوسيط منذ أشهر، من خلال جولات عدة في باريس ولندن، لقاءات بين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ونظيره الإسرائيلي رون ديرمر، ومن خلال المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم باراك. ترامب بدوره أكد بعد لقائه الشرع أن واشنطن تعمل على التوافق بين إسرائيل وسوريا ومع الأطراف الأخرى لضمان تقدم العملية التفاوضية.

من الناحية السورية، يرى الأكاديمي أحمد الكناني أن العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق تكمن في ارتفاع سقف المطالب الإسرائيلية، والتي تتجاوز مجرد اتفاق أمني لتشمل السيطرة على مناطق استراتيجية وفرض شروط ميدانية خاصة. ويشير الكناني إلى أن دمشق تتمسك بالعودة إلى كامل الأراضي التي كانت تحت سيطرتها قبل 8 كانون الأول 2024، وأن المجتمع الدولي بدأ يميل أكثر إلى دعم الشرعية السورية في الجولان وإعادة تطبيق اتفاق فض الاشتباك لعام 1974.

أما إسرائيل، فتؤكد ضرورة إقامة منطقة منزوعة السلاح لضمان عدم حدوث أي هجمات مستقبلية على أراضيها كما جرى في 7 أكتوبر 2023، وهو ما يعكس رغبتها في الاحتفاظ بالسيطرة على الجنوب السوري جزئيًا. تقارير صحفية إسرائيلية كشفت عن استعداد الجيش لترميم وتحصين مواقع استراتيجية في جبل الشيخ استعدادًا للشتاء، في وقت يترقب فيه المجتمع الدولي تأثير زيارة الشرع إلى واشنطن على المفاوضات.

الملف السوري يبرز بشكل واضح التعارض بين رؤى الطرفين، إذ تتمسك دمشق بمطالبها التاريخية، بينما تسعى إسرائيل لفرض أجندات خاصة بها في الجنوب السوري. كما يظهر بوضوح الدور الأميركي كوسيط يضغط لتحقيق تسوية شاملة، في حين تبقى احتمالات التوصل إلى اتفاق سلام حقيقي معقدة وسط تباين المصالح والمواقف على الأرض.

في حال التوصل لاتفاق، يتوقع المحللون أن تحتفظ إسرائيل بجبل الشيخ، مع وجود تفاوض مباشر بشأن النقاط التي استحدثتها في الجنوب، بينما إذا فشل الاتفاق، فإن إسرائيل تسعى لاستغلال الجنوب السوري كمنطقة "حساسة" تخضع لأجنداتها الخاصة، خاصة في السويداء والجنوب بشكل عام، ما يضع العملية التفاوضية أمام تحديات كبرى.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 3