الوصاية الأمريكية على لبنان.. قراءة في خطاب الشيخ نعيم قاسم ورسائل حزب الله

2025.11.17 - 06:50
Facebook Share
طباعة

 في ظل التصعيد الإسرائيلي المستمر على الحدود اللبنانية وفي العمق اللبناني، وفي وقت يتزايد فيه الضغط الأمريكي على الدولة والمؤسسات، أطلق الأمين العام لحزب الله اللبناني الشيخ نعيم قاسم موقفًا سياسيًا وصفت أوساط لبنانية بأنه الأكثر حدة في الأسابيع الأخيرة، مؤكدًا أن “الوصاية الأمريكية خطر كبير جدًا على لبنان”، وأن ما يجري ليس خرقًا لاتفاق وقف إطلاق النار بل “عدوان ابتدائي يستهدف السيطرة” على البلاد.
خطاب قاسم جاء خلال إحياء ذكرى مقتل القائد الإعلامي محمد عفيف، وهو إطارٌ حمّله الحزب رسائل داخلية وخارجية متعددة، تتجاوز حدود المناسبة لتقترب من رسم خطوط الاشتباك المقبلة.

 

الوصاية الأمريكية… دعم مباشر للعدوان

ربط نعيم قاسم بين تصاعد الهجمات الإسرائيلية وبين الدور الأمريكي، مشددًا على أن واشنطن ليست وسيطًا، بل “راعية للعدوان”. وأشار إلى أن المبعوثين الدوليين يعترفون في لقاءاتهم مع الحزب بـ“حق المقاومة”، لكن العائق يبقى “التغول الإسرائيلي المظلل بالدعم الأمريكي الكامل”.
كما اتهم قاسم واشنطن بالسعي إلى تعديل موازين القوى في الداخل اللبناني عبر التدخل المالي والسياسي، قائلاً إن إرسال وفد الخزانة الأمريكية مؤخرًا هدفه “التضييق على حزب الله وكل اللبنانيين”.

العدوان الإسرائيلي هو المشكلة وليس المقاومة

كرر قاسم أن أصل الأزمة ليس في أداء الدولة أو الجيش، بل في العدوان الإسرائيلي ذاته، مؤكدًا أن:

إسرائيل لا تقبل وجود الجيش اللبناني ولا قوات اليونيفيل،

وتسعى إلى فرض سيطرة مباشرة عبر حجج أمنية متكررة،

وتمارس اعتداءات تستهدف جميع اللبنانيين دون تمييز.


وفي هذا السياق، شدد على أن أي طرح للتفاوض أو القبول بالانتشار جنوب الليطاني هو “تنازل”، وكذلك الحال بالنسبة لـ“بنود ورقة براك”، معتبرًا أن المقاومة لن تقبل التخلي عن حقوقها وأرضها وأسرى شعبها.

 

الإعلام المقاوم في دائرة الاستهداف

ركز الشيخ قاسم على “الدور الحاسم للإعلام المقاوم” في معركة الرواية، معتبرًا أن استهداف الصحفيين هو محاولة إسرائيلية لطمس الحقائق، وقال:

> “الإعلاميون اغتيلوا لأنهم تركوا أثرًا حقيقيًا في إبراز حقيقة المعركة”.
هذا الحديث يأتي في ظل ازدياد عمليات استهداف الصحفيين في لبنان وغزة وسوريا خلال الأشهر الأخيرة، وهو ما يعتبره حزب الله جزءًا من حرب ممنهجة لتصفية كل الأصوات المعارِضة للعدوان.

 

التحريض الداخلي ومحاولة تفجير الساحة اللبنانية

اتهم قاسم جهات لبنانية سياسية وإعلامية بالمشاركة في “بخّ السم” عبر نشر روايات كاذبة لإثارة الفتنة، مشيرًا إلى أن التدخلات الأجنبية تحاول “إحداث تعديل في الموازين الداخلية” خدمةً لإسرائيل.
كما دعا الحكومة اللبنانية إلى عدم الانزلاق نحو التنازلات، والابتعاد عن القرارات التي تضيق على المواطنين اقتصاديًا وماليًا، متهمًا واشنطن بالمسؤولية عن انهيار الليرة وإفلاس البنوك وتعطيل وصول الكهرباء والنفط إلى لبنان.

 


الصمود كعنوان للمرحلة رغم الضغوط

اعتبر قاسم أن لبنان يعيش “زمن الصمود وصناعة المستقبل”، وأن المجتمع اللبناني لا يزال يمتلك قوة “غير مسبوقة”، مشددًا على أن هذه القوة “لا يمكن أن تُهزم”.
وأكد أن حزب الله شريك كامل في معادلة بناء الدولة، وأنه لن يقبل بتحويل اللبنانيين إلى “عبيد” في سياق الضغوط الخارجية.

 


يعكس خطاب الشيخ نعيم قاسم إدراكًا واضحًا لمرحلة لبنانية حساسة تتشابك فيها الحسابات الإسرائيلية-الأمريكية مع الانقسامات الداخلية. الرسائل الموجهة للحكومة تؤشر إلى رفض أي محاولة لإعادة صياغة قواعد الاشتباك جنوبًا، فيما يوجّه الحزب تحذيرًا ضمنيًا من أن التفاوض من موقع ضعف قد يقود إلى نتائج ميدانية وسياسية خطيرة.
وفي المحصلة، يضع حزب الله خطابه الجديد ضمن سياق مواجهة شاملة يعتبرها امتدادًا للعدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، مؤكدًا استمرار معادلة الردع ومركزية دور المقاومة والإعلام المواجه في كشف حقائق الحرب.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 8