تل أبيب تبحث عن معركة "سريعة"… فهل تُفتح جبهة لبنان مجدداً؟

2025.11.17 - 07:59
Facebook Share
طباعة

 تظهر في الخطاب الإسرائيلي خلال الأسابيع الأخيرة نبرة متصاعدة تحاول التمهيد لمرحلة جديدة من المواجهة مع حزب الله، في ظل حديث متكرر عن ضرورة منع الحزب من استعادة ما خسره عسكرياً. وعلى الرغم من تركيز تل أبيب على التهويل، إلا أنّ ما يُطرح في الإعلام العبري يحمل إشارات واضحة إلى نقاش داخلي حول خوض جولة قتال محدودة تُوصَف بـ«الأيام القتالية»، هدفها ليس تغيير قواعد اللعبة جذرياً، بل ضرب عناصر القوة المتنامية لدى الحزب ودفع الحكومة اللبنانية إلى السير في مسار نزع السلاح.

وفي هذا السياق، نقلت القناة 13 الإسرائيلية قراءة المعلّق العسكري ألون بن دافيد، الذي يشير إلى أنّ الملفّين الأكثر التباساً في نظر المؤسسة العسكرية الإسرائيلية هما لبنان وإيران، مرجّحاً أن تجد إسرائيل نفسها أمام «جولات إضافية من القتال» في المدى القريب. ويزعم بن دافيد أنّ حزب الله «استعاد قدرته بشكل مذهل» رغم الضربات، لافتاً إلى نقاش داخلي في الحزب بين اتجاه يفضّل الردّ واتجاه آخر يفضّل تجنّب مواجهة قد تُشعل الداخل اللبناني.

وفي المقابل، يشير إلى أنّ النقاش الإسرائيلي لا يقلّ حدّة، ويتراوح بين دعاة التصعيد المتدرّج وبين من يدفع نحو عملية قصيرة ومحدودة تُضعف الحزب وتمنح الحكومة اللبنانية «نافذة» للتحرك في ملف السلاح. هذا النقاش، بحسب بن دافيد، يرتبط أيضاً بالخوف المتزايد من الاندفاعة الإيرانية نحو إعادة إنتاج صواريخ أرض–أرض، إذ تفيد جهات مطّلعة –على حدّ وصفه– بأنّ طهران «لا تبعد سوى أشهر قليلة» عن استعادة مخزونها الذي فقدته في 12 حزيران، ما قد يدفع تل أبيب لاحقاً نحو عملية عسكرية مباشرة.

غير أنّ النقطة الأكثر حساسية في كلامه تتمثّل في تأكيده أنّ أي تحرك ضد إيران «لا يمكن أن يُنفّذ قبل التعامل مع تهديد حزب الله»، إذ ترى المؤسسة العسكرية أنّ خوض معركة مع إيران فيما يبقى الحزب في موقع إطلاق النار من الشمال هو «معادلة غير ممكنة»، ما يعني عملياً أنّ لبنان سيكون ساحة أولى لأي تصعيد واسع.

وفي الاتجاه نفسه، تحدّث القائد السابق للفيلق الشمالي في الجيش الإسرائيلي، أيال بن رؤوفين، إلى قناة «إسرائيل نيوز 24»، معتبراً أنّ المسار السياسي «لم يحقّق نتائج»، داعياً إلى «مقاربة عاقلة» تجنّب لبنان حرباً أهلية، باعتبار أنّ ذلك «لا يخدم إسرائيل ولا الحكومة اللبنانية التي توجد معها نقاط تقاطع معينة». لكنه في الوقت نفسه شدّد على أنّ الخيار العسكري «سيصبح حتمياً في مرحلة معيّنة»، مشيراً إلى عمليات ذات «تأثير مباشر» مثل عملية اغتيال الشيخ نعيم قاسم، ومؤكداً أنّ «الاعتياد على الوضع الحالي غير ممكن».

وبموازاة هذا المشهد، تعود وسائل إعلام إسرائيلية لتسليط الضوء على ما تصفه بـ«الانهيار» في مستوطنات الشمال. فقد نقلت القناة 12 عن عضو الكنيست ساسون غويطة وصفاً قاتماً لمدينة كريات شمونة، مؤكداً أنّها «غارقة في العتمة» وخالية تماماً بعد حلول المساء، فيما المحال التجارية مغلقة والسكان يغادرون بحثاً عن أماكن أكثر أمناً في الوسط. ويفيد غويطة بأنّ الناس «لا يريدون أن يعيشوا الرعب مجدداً» في ظل خشية من حرب جديدة وقصف مستمر وعدم وجود خطوات حكومية لطمأنتهم.

هذه الصورة المركبة –من التهويل العسكري إلى القلق الداخلي– تعكس حجم التوتر داخل إسرائيل نفسها، في وقت تحاول المؤسسة الأمنية رسم سيناريوهات لا يخرج لبنان من دائرتها، سواء عبر جولة قتال قصيرة أو عبر تحضير الجبهة قبل أي مواجهة محتملة مع إيران.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 1