خطاب متناقض في الإعلام الإسرائيلي بين التهديد والتشكيك بقدرات حزب الله

2025.11.15 - 09:47
Facebook Share
طباعة

 تتواصل موجة التسريبات الأمنية والعسكرية داخل إسرائيل بوتيرة متسارعة، في سياق يشير إلى وجود محاولة داخلية لإقناع الجمهور الإسرائيلي – قبل القيادات العسكرية والسياسية – بأن استئناف الحرب في لبنان أصبح ضرورة. فبدلاً من الإقرار بعدم تحقق أهداف الحرب السابقة، يعود الخطاب الإسرائيلي ليقدّم المعركة بوصفها "مهمة يجب إتمامها"، مع دعم واضح من أطراف دولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، التي ترى أنّ وقف إطلاق النار كان فرصة لتمكين الدولة اللبنانية من استكمال مهمة نزع سلاح حزب الله.

وتبدو هذه المقاربة مدعّمة بمعطيات إعلامية جديدة، إذ تراجع في الأسابيع الماضية الحديث الإسرائيلي عن "العمليات النوعية" للموساد المرتبطة بملف الاتصالات والاغتيالات واستهداف مواقع تخزين السلاح، ليفسح المجال أمام موجة تهديدات تتحدث عن أن حزب الله يعيد بناء قوته العسكرية ويستعيد جزءًا من قدراته. وهنا يظهر دور الوسيط الأميركي الذي يعيد تقديم التحذيرات للبنان: "إذا لم تُنجز الدولة مهمة نزع السلاح، فإن إسرائيل ستتولى ذلك".

ورغم التزام حزب الله سياسة الغموض، فقد نشر الإعلام الإسرائيلي خلال الساعات الأخيرة تصريحًا لنائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم قال فيه: "لا يمكن أن يستمر هذا النوع من العدوان… لكل شيء حدّ". ما فسّره محللون إسرائيليون كرسالة تحذير، وحاولوا قراءة مقاصدها في سياق التطورات.

لكن الطرح الغالب في وسائل الإعلام الإسرائيلية اليوم يقوم على اعتبار حزب الله "خصمًا ضعيفًا". وذهبت صحيفة "إسرائيل اليوم" إلى القول إن الحزب يعيش واحدة من أدنى مراحل قوته، معتبرة أن تهديدات قاسم جاءت بعد رسالة داخلية وجّهها الحزب لقيادات الدولة اللبنانية، وأن وضعه الحالي لا يسمح له بخوض مواجهة جديدة أو حتى تبادل ضربات مع إسرائيل. وأضاف التقرير أن الحزب حصل منذ مطلع 2025 على نحو مليار دولار، ونجح في تهريب مئات الصواريخ من سوريا، وأعاد تشغيل منصات تضررت بفعل الحرب، إلى جانب تجنيد آلاف المقاتلين. وخلصت الصحيفة إلى أن خطابه الأخير يهدف أيضاً إلى تهدئة قاعدته غير الراضية عن عدم الرد على الهجمات الإسرائيلية.

وتقترح بعض التحليلات الإسرائيلية، كما في التقرير نفسه، تبني سياسة مواجهة أوسع تشمل الجوانب الاجتماعية والأيديولوجية وليس العسكرية فقط، مستفيدة من ما تعتبره "الضعف السياسي" للحزب، مع توقع حصول إسرائيل على دعم من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وتشمل المقترحات الدعوة إلى مشروع طويل الأمد لفصل المجتمع الشيعي اقتصادياً واجتماعياً عن حزب الله عبر تقديم بدائل موازية لشبكاته الخدمية والمالية.

وفي هذا السياق، كتب المحلل شلومو ريزل في موقع "إيمِس" أن إسرائيل تراقب مسار إعادة تنظيم حزب الله لقوته، معتبرًا أن استعادته لقدراته بات يشكّل مجددًا تهديدًا استراتيجيًا. وأشار إلى أن الحزب استفاد من الفوضى السورية لتمرير صواريخ ومكوّنات عبر الحدود، كما أعاد تأهيل صواريخ كانت مخزّنة جنوب الليطاني، وأن ورش تصنيع الصواريخ داخل لبنان تعمل بكامل طاقتها. ووفق التقرير، فإن تجربة الحرب الأخيرة دفعت الحزب إلى التركيز على الطائرات المسيّرة والغزو البري عبر "قوة الرضوان"، بوصف هذين المسارين الأكثر فاعلية من حيث الدقة والقدرة على إيقاع خسائر.

ويرى التقرير أن القيادة الإسرائيلية تعتقد بأن "ساعة الحسم تقترب"، وأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد السابع من أكتوبر بات أكثر تشددًا وتصميمًا، وقد يلجأ إلى خطوات أوسع ما لم يتعرض لضغط أميركي يفرمله.

وفي المقابل، قدّم رون بن يشاي في "يديعوت أحرونوت" قراءة مغايرة، إذ اعتبر أن الصورة الميدانية والسياسية في لبنان أكثر تفاؤلاً بالنسبة لإسرائيل مما تعكسه وسائل الإعلام. واستند في ذلك إلى ردود الفعل داخل المجتمع اللبناني، ومنها داخل البيئة الشيعية نفسها، على "الرسالة المفتوحة" التي وجهها حزب الله مؤخرًا، مشيراً إلى بروز أصوات شيعية بارزة انتقدت الحزب ودعت إلى الضغط عليه للقبول بتسوية جديدة تشمل نزع السلاح.

وأشار بن يشاي إلى تقديرات تفيد بأن الدولة اللبنانية اليوم تمتلك قوة سياسية وعسكرية أكبر مما كانت عليه سابقًا، وأن حزب الله يعاني من ضعف عسكري وخسائر بشرية ومادية كبيرة، في ظل تراجع الدعم الإيراني، إضافة إلى حالة الإنهاك التي تعيشها مختلف الطوائف اللبنانية بسبب الحرب، ما يخلق بيئة داخلية تعتبر الحكومة الجديدة فرصة للخروج من الأزمة الاقتصادية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 8