في ظل التحولات الأمنية المتسارعة على الحدود الجنوبية للبنان، رحّب الرئيس اللبناني جوزيف عون بأي مشاركة أوروبية في حفظ الاستقرار عقب انسحاب قوات اليونيفيل (قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان)، مؤكداً أن الجيش اللبناني مستعد لتولي المسؤولية بدعم سياسي ومالي من الشركاء الدوليين.
تأكيد على الثقة بالجيش واتهام إسرائيل بعرقلة الانتشار
خلال لقائه المستشارة السياسية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، آن كلير لو جاندر، شدّد عون على أن الجيش اللبناني يواصل أعماله بدقة وانضباط، رغم حملات التشكيك الإسرائيلية، مشيراً إلى أن ما يمنع الجيش من استكمال انتشاره حتى الحدود الدولية هو استمرار إسرائيل في اعتداءاتها وعدم التزامها باتفاق تشرين الثاني 2024.
وأوضح الرئيس أن الجيش يحظى بثقة اللبنانيين، وخاصة سكان الجنوب الذين يرون فيه ضمانة وحيدة للأمن، نافياً ما يُروّج عن "تقصير" أو "غياب التنسيق"، ومعتبراً ذلك "محض افتراء يهدف إلى إضعاف المؤسسة العسكرية".
حاجة الجيش إلى دعم وتجهيزات
وأكد عون أن الجيش بحاجة ماسة إلى تجهيزات وآليات عسكرية تمكنه من ملء الفراغ الذي سيتركه انسحاب "اليونيفيل"، لافتاً إلى أن ذلك سيتم عبر مؤتمر دعم الجيش والقوات المسلحة اللبنانية الذي تسعى بيروت لتنظيمه قريباً بمشاركة دولية واسعة.
الاستقرار رهن بوقف الاعتداءات الإسرائيلية
واعتبر الرئيس اللبناني أن إعادة الإعمار في الجنوب هي الركيزة الأساسية لعودة السكان وتمكينهم من الصمود، لكنه شدد على أن ذلك لا يمكن أن يتحقق في ظل الاعتداءات الإسرائيلية اليومية ضد المدنيين والمنشآت، مؤكداً أن "خيار التفاوض" الذي أعلنته بيروت يبقى السبيل الأوحد لإعادة الهدوء إلى الجنوب ولبنان عموماً، لأن "استمرار العدوان لن يؤدي إلى نتيجة".
إصلاحات داخلية ومساعٍ لتنسيق أوروبي
وفي الشق الداخلي، قال عون إن الحكومة بدأت بالتعاون مع مجلس النواب في إقرار قوانين إصلاحية تراعي الوضع الاقتصادي الصعب وتتوافق مع الأنظمة الدولية، مشيراً إلى أن العمل جارٍ لإعداد مشاريع قوانين جديدة تخدم هذا الاتجاه.
كما أعلن عن خطة لرفع عديد الجيش اللبناني إلى عشرة آلاف عسكري بحلول نهاية العام الجاري، ضمن استراتيجية تهدف إلى تعزيز الانتشار في الجنوب بعد مغادرة قوات "اليونيفيل".
موقف فرنسي داعم
من جانبها، أكدت المستشارة السياسية للرئيس الفرنسي أن باريس ستواصل دعمها لاستقرار لبنان، مشيرة إلى أن فرنسا تعمل من أجل تفعيل آلية "الميكانيزم" بالتنسيق مع السلطات اللبنانية، لضمان استمرار التعاون الدولي في الجنوب وعدم ترك فراغ أمني تستفيد منه إسرائيل أو أي طرف آخر.
يأتي هذا الموقف اللبناني في وقت تتزايد فيه المخاوف من تصعيد محتمل على الحدود مع فلسطين المحتلة، خاصة مع انسحاب قوات الأمم المتحدة وتوتر العلاقة بين حزب الله وإسرائيل. ويُعدّ الانفتاح اللبناني على دور أوروبي جديد محاولة لتفادي أي فراغ أمني قد يفتح الباب أمام مواجهة أوسع في الجنوب.