عنف المستوطنين في الضفة.. انقسام داخل المؤسسة الإسرائيلية أم بداية مواجهة داخلية؟

2025.11.13 - 09:48
Facebook Share
طباعة

في تطور لافت داخل المشهد الإسرائيلي، ندد الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتصوغ بالهجمات التي نفذها مستوطنون يهود ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، معتبرًا أن ما يجري "تجاوز الخط الأحمر" وداعيًا إلى "تحرك حازم من جميع سلطات الدولة" لوقف موجة العنف المتزايدة.

هذا التصريح الذي بدا استثنائيًا في لهجته، جاء عقب هجوم عشرات المستوطنين المقنّعين على قريتي بيت ليد ودير شرف قرب طولكرم، حيث أضرموا النار في سيارات ومنازل فلسطينية واعتدوا على السكان، قبل أن يشتبكوا مع جنود من الجيش الإسرائيلي حاولوا احتواء الموقف.

انقسام داخل المؤسسة الأمنية

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير وصف الاعتداءات بأنها "ظاهرة أقلية إجرامية تلطخ سمعة الجمهور الملتزم بالقانون"، مؤكدًا أن الجيش "لن يتسامح معها"، بينما أشار قائد المنطقة الوسطى آفي بلوت إلى أن مواجهة ما سماه بـ"الهامش الفوضوي" بين المستوطنين تستنزف موارد كبيرة كان يمكن توجيهها إلى عمليات "مكافحة الإرهاب".

هذه التصريحات تكشف عن تململ واضح داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من سلوك المستوطنين المتطرفين الذين باتوا يشكلون عبئًا أمنيًا داخليًا على الجيش نفسه، في وقت يواجه فيه ضغوطًا عسكرية متواصلة في غزة وجنوب لبنان.

موسم الزيتون.. موسم الاعتداءات

وتزامنت الاعتداءات الأخيرة مع موسم قطف الزيتون السنوي للفلسطينيين، وهو ما يشهد عادةً تصاعدًا في هجمات المستوطنين ضد المزارعين في أنحاء الضفة الغربية، في مسعى واضح لفرض مزيد من السيطرة على الأراضي الفلسطينية.
الشرطة الإسرائيلية أعلنت الإفراج عن ثلاثة من الموقوفين، بينما تم تمديد احتجاز قاصر متهم بجرائم حرق واعتداء لمدة ستة أيام إضافية، في خطوة يرى مراقبون أنها محاولة لتخفيف الضغط الدولي دون معالجة جوهرية للملف.

تصعيد ممنهج تحت غطاء "الفوضى"

منذ اندلاع الحرب على غزة قبل عامين، تصاعدت هجمات المستوطنين بشكل منظم في الضفة الغربية، ما أدى إلى تهجير عشرات العائلات الفلسطينية من قراها في شمال وغرب الضفة. ورغم الإدانة الشكلية من بعض المسؤولين الإسرائيليين، إلا أن سياسات الحكومة اليمينية بقيادة نتنياهو تواصل توفير الغطاء السياسي والأمني لتلك العصابات المسلحة.

ويرى محللون أن تصريحات هرتصوغ وزامير لا تعبّر عن تحول حقيقي في الموقف الإسرائيلي، بقدر ما تعكس قلق المؤسسة الأمنية من فقدان السيطرة على الميدان وتزايد خطر تحوّل المستوطنين إلى ميليشيات موازية داخل الدولة، ما يهدد بانفجار داخلي يطال بنية الحكم نفسها.

الدولة ضد نفسها

مع تصاعد الغليان في الضفة الغربية وتآكل سلطة الجيش أمام عنف المستوطنين، تبدو إسرائيل أمام مأزق داخلي متنامٍ: بين دولة تدّعي "سيادة القانون" وجماعات استيطانية ترى نفسها فوق القانون.
وبينما يواصل الفلسطينيون مواجهة الاعتداءات اليومية وسط صمت دولي، يتكشف أكثر فأكثر أن الاحتلال لم يعد يواجه مقاومة فلسطينية فحسب، بل فوضى تنمو في قلب منظومته نفسها.
 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 8