استهداف أونروا والمخيمات: سياسة إسرائيلية ممنهجة للقضاء على اللاجئين

2025.11.12 - 08:29
Facebook Share
طباعة

على الرغم من مرور أكثر من شهرين على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، لا تزال السياسات الإسرائيلية تعرقل عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وتمنع إعادة إعمار المخيمات المتضررة. هذا الوضع يعكس استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى تقييد دور الوكالة الدولية وتقليص قدرة الفلسطينيين على الحفاظ على بنيتهم المجتمعية، بما يشمل الخدمات الأساسية والتعليم والصحة، ويزيد من هشاشة الواقع الإنساني في القطاع.

خلال السنوات الأخيرة، شهدت المخيمات الفلسطينية عمليات تدمير واسعة، سواء نتيجة القصف الجوي أو المدفعي أو عمليات النسف الممنهجة، وهو ما أثر على مئات الآلاف من السكان وتتركز الجهود الإسرائيلية على منع إعادة الحياة الطبيعية للمخيمات وإضعاف أي شواهد على وجود اللاجئين، بما في ذلك حظر إدخال المساعدات الإنسانية وتأخير المشاريع الإعمارية. ويظهر هذا بشكل واضح في المخيمات الكبرى مثل جباليا، الشاطئ، البريج، النصيرات، المغازي، خانيونس، ورفح، حيث تضررت البنية التحتية والمدارس والمراكز الصحية، ويعيش السكان ظروف نزوح وتشرد مستمرة.

تقييد عمل "أونروا" يتجاوز الأثر الإنساني المباشر، ليصل إلى الأبعاد القانونية والسياسية، إذ يسعى الاحتلال لتصفية قضية اللاجئين عبر تحجيم دور الوكالة الأممية واستهداف الرموز التاريخية للمخيمات. ويشكل هذا مخططًا ممنهجًا يعكس رغبة إسرائيلية في إعادة تشكيل الواقع الجغرافي والديموغرافي الفلسطيني، وإلغاء الهوية الرمزية للمخيمات، وتحويلها إلى أحياء مدنية مختلطة، في خطوة قد تنهي وجود "أونروا" كمؤسسة أساسية تقدم خدمات للاجئين.

تستهدف هذه السياسات أيضًا التحكم بالمعطيات الديموغرافية والسياسية، حيث تعمل على تهميش القضية الفلسطينية التاريخية وتقليص أي قدرة للفلسطينيين على المطالبة بحق العودة، بما يوازي محاولات لتبرئة السياسات الإسرائيلية من مسؤوليتها تجاه اللاجئين والنكبة هذا المخطط يتزامن مع محاولات لتقييد التمويل الدولي لوكالة "أونروا" وتشجيع تحويل صلاحياتها إلى هيئات دولية أخرى، ما يزيد من التحديات أمام الفلسطينيين ويضع مستقبل القضية في مرمى إعادة تشكيل استراتيجية إسرائيلية طويلة المدى.

الأثر الإنساني لهذه السياسات ملموس، إذ يعيش نحو 1.7 مليون لاجئ في ظروف نزوح مؤقتة، مع تراجع واضح في الخدمات الأساسية وفرص التعليم والعمل ويعكس هذا الوضع تصاعدًا في المعاناة اليومية وتفاقم الانقسامات الاجتماعية، بما يهدد الاستقرار الداخلي ويزيد الضغط على المجتمعات المحلية في القطاع.

في المجمل، استمرار منع عمل "أونروا" وإعاقة إعادة الإعمار في المخيمات الفلسطينية يظهر كجزء من استراتيجية إسرائيلية أوسع تهدف إلى تصفية قضية اللاجئين، وتحويل الفلسطينيين إلى كيانات محلية ضعيفة، وتفكيك الوحدة الوطنية الفلسطينية عبر تدمير الرموز المادية والتاريخية للمخيمات. وهذه السياسات ستترك آثارًا طويلة المدى على مستقبل القطاع، وعلى قدرة الفلسطينيين على الحفاظ على حقوقهم الإنسانية والسياسية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 4