تواجه خطة السلام التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة مأزقاً سياسياً متصاعداً، بعدما أكدت مصادر غربية لوكالة "رويترز" تعثر تنفيذ المرحلة التالية منها، وسط مؤشرات على تقسيم فعلي للقطاع بين منطقة تحت السيطرة الإسرائيلية وأخرى تديرها حركة حماس.
ورغم بدء المرحلة الأولى من الخطة في أكتوبر الماضي بسيطرة الجيش الإسرائيلي على أكثر من نصف مساحة القطاع، بما في ذلك معظم الأراضي الزراعية ومناطق حضرية رئيسية، فإن المرحلة الثانية المتعلقة بإنشاء سلطة انتقالية ونشر قوة دولية متعددة الجنسيات توقفت عملياً، وفق ما نقلت الوكالة عن ستة مسؤولين أوروبيين.
يقول هؤلاء إن الخطة تفتقر إلى جدول زمني وآليات واضحة، بينما ترفض حماس نزع سلاحها وتعارض إسرائيل أي دور للسلطة الفلسطينية هذا التعقيد السياسي دفع مراقبين إلى التحذير من أن الوضع الحالي يرسخ تقسيم القطاع لسنوات، في ظل غياب ضغط أمريكي جدي لإحياء المفاوضات.
في المقابل، تصرّ الحكومة الإسرائيلية على أنها لا تنوي إعادة احتلال غزة أو إدارتها، لكنها تحتفظ بمنطقة عازلة داخل القطاع لمنع أي هجمات مستقبلية، فيما يواصل الجيش تحصين مواقعه قرب ما يُعرف بـ"الخط الأصفر" الذي أصبح يمثل حدوداً فعلية على الأرض. وتشير صور الأقمار الصناعية إلى إنشاء تحصينات إسمنتية وتلال ترابية في مناطق مثل الشجاعية.
أما واشنطن، فقد حاولت تمرير مشروع قرار في مجلس الأمن يمنح القوة الدولية ولاية لمدة عامين، لكن العديد من الدول الأوروبية والعربية رفضت الالتزام بإرسال قوات، خصوصاً إذا كانت مهامها تتجاوز حفظ السلام إلى مواجهة مباشرة مع حماس.
وفي الجانب الاقتصادي، اقترح مقربون من ترامب بدء إعادة الإعمار في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية فقط، وهي فكرة اعتبرها خبراء "تكريساً للانقسام"، إذ ستُنشأ "مناطق نموذجية" لسكان مختارين، بينما يبقى الجزء الأكبر من السكان في مخيمات مكتظة وسط أنقاض المدن.
كما عبّرت السلطة الفلسطينية عن رفضها القاطع لأي ترتيبات تتجاهل سيادتها على غزة، مؤكدة أن "إعادة الإعمار لا يمكن أن تتم دون إدارة فلسطينية كاملة".
وبينما تقدر تكلفة إعادة إعمار القطاع بنحو 70 مليار دولار، ترفض دول الخليج تمويل المشروع ما لم تُطرح رؤية واضحة لإقامة دولة فلسطينية. وهكذا، تبدو خطة ترامب أمام طريق مسدود، بعدما تحولت خطوطها الإسمنتية إلى رمز لانقسام سياسي وجغرافي قد يطول لسنوات.