تستمر أزمة المهاجرين غير النظاميين في غرب ليبيا في التصاعد، وسط تقارير عن أوضاع مأساوية في مقري الاحتجاز «بئر الغنم» و«العسّة». الحقوقيون والمنظمات الدولية يلفتون إلى غياب الشفافية، وفوضى إدارية داخل جهاز مكافحة الهجرة، ما يجعل مصير المئات من المحتجزين، بينهم أطفال وقصر، مجهولاً.
مركز «بئر الغنم» جنوب غرب العاصمة يجمع مئات المهاجرين من جنسيات متعددة، أغلبهم من المصريين، فيما يقع «العسّة» في منطقة حدودية مع تونس، طارق لملوم، الباحث الليبي في قضايا الهجرة، أكد أن المركزين خارج الرقابة والمساءلة، محملاً وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية المسؤولية المباشرة عن سلامة المحتجزين رغم وعود المجلس الوطني للحريات بتحسين الأوضاع والتنسيق مع السفارات لترحيل المهاجرين، لم تُسجّل أي خطوات فعلية.
تقارير «هيومن رايتس ووتش» تشير إلى أن معظم مراكز الاحتجاز في ليبيا تخضع لسيطرة جماعات مسلحة، وتمارس انتهاكات واسعة تشمل الضرب، التعذيب، نقص الغذاء والمياه، العمل القسري، الاعتداء الجنسي واستغلال الأطفال. مركز «بئر الغنم» يضم نحو 600 مهاجر من عشرة جنسيات على الأقل، وغياب المعلومات الدقيقة حول أوضاع القصر يزيد من خطورة الوضع، وفق لملوم.
مركز «العسّة» يعاني مشكلات مماثلة، مع احتجاز مئات المهاجرين بلا معلومات عن أماكنهم أو أوضاعهم الصحية غياب الشفافية يعكس الانقسام الإداري في إدارة المراكز، ويثير أسئلة عن الجهة المسؤولة عن الترحيل أو الإفراج. لملوم حذّر من أن استمرار الوضع من دون مساءلة قد يفرض التدخل الدولي كخيار وحيد لإنقاذ الضحايا.
المنظمات الحقوقية تلقت شكاوى من ناجين يتحدثون عن تعذيب وضرب واستغلال في أعمال البناء، إضافة إلى دفع فدية للإفراج عن المحتجزين. كذلك، عصابات الاتجار بالبشر تستمر في تهريب المهاجرين إلى أوروبا، بينما يعيد خفر السواحل الليبي عدداً كبيراً منهم إلى مراكز الاحتجاز.
المنظمة الدولية للهجرة ذكرت إعادة 568 مهاجراً من البحر إلى ليبيا خلال أسبوع، بينهم نساء وأطفال، مع تسجيل أكثر من 23 ألف إعادة منذ بداية العام. هذه العودة القسرية تؤكد أن ليبيا ليست ميناءً آمناً، فيما 13 منظمة إغاثة دولية أوقفت التعاون مع خفر السواحل الليبي بسبب ارتفاع حالات العنف والانتهاكات أثناء اعتراض قوارب الهجرة في البحر، ورفض مشاركة المعلومات مع السلطات الأوروبية.
الوضع الحالي يعكس مأزقاً إنسانياً مستمراً، حيث يواجه المهاجرون المحتجزون في مراكز غرب ليبيا حياتهم بلا حماية، وسط صمت السلطات وانعدام الرقابة، وهو ما يفتح الباب أمام انتهاكات متكررة تستوجب تحركاً دولياً عاجلاً لحماية حقوقهم.