أزمة في تل أبيب: صراع بين الجيش ووزير الدفاع حول الحدود المصرية

2025.11.11 - 03:27
Facebook Share
طباعة

في تطور جديد يعكس عمق التصدع داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، كشفت صحيفة هآرتس العبرية عن خلافات حادة بين الجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، بعد طرح الأخير خطة لتغيير "قواعد الاشتباك" على الحدود مع مصر، بدعوى مواجهة عمليات تهريب أسلحة متزايدة من سيناء إلى جنوب فلسطين المحتلة.

الجدل، الذي انفجر في أعقاب تصاعد عمليات نقل السلاح عبر طائرات مسيرة، أعاد إلى الواجهة توترًا أمنيًا مستترًا بين القاهرة وتل أبيب، وأظهر حالة من الارتباك في مراكز القرار الإسرائيلية، حيث يتبادل الجيش والشرطة الاتهامات حول من يتحمل مسؤولية التعامل مع هذه الظاهرة، التي تُهدد الأمن الداخلي الإسرائيلي قبل أن تمس الحدود.

 


انقسام في القيادة الإسرائيلية

وفقًا لما نقلته هآرتس، رفض الجيش الإسرائيلي خطة وزير الدفاع القاضية بتوسيع صلاحيات إطلاق النار في محيط الحدود المصرية، مؤكدًا أن من يتلقون هذه الطائرات داخل إسرائيل هم في الأصل "مدنيون إسرائيليون" وليسوا عناصر مسلحة، وبالتالي فإن التعامل معهم من اختصاص الشرطة، لا الجيش.
هذا الموقف عكس بوضوح خشية القيادات العسكرية من التورط في عمليات قد تُسفر عن مقتل مدنيين، وتفتح الباب أمام مساءلات قانونية أو أزمات سياسية داخلية.

كما حذر قادة ميدانيون من أن تغيير قواعد الاشتباك في منطقة مأهولة قد يؤدي إلى "حوادث خطيرة"، في ظل تزايد نشاط المهربين الإسرائيليين الذين يتعاملون مع شبكات تمتد عبر الحدود، وتستخدم التكنولوجيا الحديثة في تجاوز الرقابة.

 


تهديدات من الجو.. وحدود بلا ثقة

في المقابل، أصرّ كاتس على ضرورة منح الجيش حرية أوسع للتعامل مع الطائرات المسيرة التي "تخترق الأجواء من مصر"، متحدثًا عن "تهديد مباشر للأمن القومي". غير أن هذا الخطاب – وفق مصادر أمنية إسرائيلية – يخفي خلفه أزمة أعمق تتعلق بفشل الأجهزة الإسرائيلية في تأمين حدودها الجنوبية، رغم التحصينات والتعاون الأمني مع القاهرة منذ سنوات.

الجيش الإسرائيلي أعلن عن تشكيل وحدة خاصة مشتركة تضم عناصر من الجيش والشرطة وجهاز الشاباك لمواجهة "التهديد الجوي القادم من الحدود المصرية"، في إشارة إلى أن التحدي لم يعد عسكريًا فقط، بل بات يمس السيادة الداخلية الإسرائيلية وسمعة المؤسسة الأمنية.

 


سيناء.. عقدة في الوعي الإسرائيلي

ما لم تُصرّح به تل أبيب علنًا هو أن جذور القلق تمتد إلى ما هو أعمق من مسألة التهريب. فسيناء بالنسبة لإسرائيل ليست مجرد حدود، بل عقدة تاريخية تعيد إلى الذاكرة فشل احتلالها الطويل لهذه المنطقة الحيوية، ثم الانسحاب منها تحت الضغط العسكري والسياسي المصري. واليوم، كل اختراق جوي أو مسيرة مجهولة المصدر يُذكّر الإسرائيليين بأن الجنوب لا يزال خاصرة رخوة يصعب السيطرة عليها.

وفي الوقت الذي يسعى فيه كاتس إلى تصعيد أمني على الحدود، تفضل قيادة الجيش تجنّب أي احتكاك مباشر قد يثير القاهرة أو يهدد اتفاقية السلام التي باتت تعاني من تآكل الثقة المتبادل.

 

حدود مضطربة وقلق متبادل

منذ عملية رفح الشهيرة عام 2023، التي قُتل فيها جنود إسرائيليون بنيران مصدرها الجانب المصري، يعيش الطرفان حالة توتر مكتوم رغم استمرار التنسيق الأمني. إسرائيل تتحدث عن "تهديدات من سيناء"، فيما ترى القاهرة أن الاحتلال الإسرائيلي لغزة وسياساته العدوانية هي السبب المباشر في أي اضطراب حدودي.

وفي ظل تعاظم العداء الشعبي العربي لإسرائيل، تجد تل أبيب نفسها أمام معضلة مزدوجة: أمنها الداخلي ينهار من الداخل، وحدودها الجنوبية – التي لطالما ادّعت أنها الأكثر استقرارًا – تتحول إلى ساحة اختبار جديدة لمدى قدرتها على حماية نفسها دون الاصطدام بجيرانها.

 


 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 3