شهدت محافظة السويداء، جنوبي سوريا، يوم الإثنين، توتراً أمنياً متصاعداً بعد حوادث إطلاق نار متفرقة استهدفت مدنيين ومواقع أمنية، ما أسفر عن إصابات بين المدنيين وأثار مخاوف من تجدد المواجهات داخل المحافظة التي تعيش حالة من الاحتقان منذ أسابيع.
إصابات بين المدنيين في طريق السويداء – دمشق
وقعت الحادثة الأولى عند حاجز بلدة شهبا في ريف السويداء، حيث أطلق عناصر يتبعون لميليشيا محلية تُعرف باسم "الحرس الوطني" النار بشكل مباشر على سيارات مدنية كانت تمر على الطريق الدولي الواصل بين السويداء ودمشق.
وأفادت مصادر محلية بأن السيارات كانت تقلّ عدداً من الأهالي المتجهين إلى قراهم في شمالي المحافظة، قبل أن تتحول الرحلة إلى مشهد دموي بعد إصابة أربعة مدنيين بجروح متفاوتة.
وأكدت المعلومات أن إطلاق النار وقع دون وجود أي استفزاز أو اشتباك مسبق، فيما سادت حالة من الفوضى في المنطقة مع محاولات الأهالي نقل المصابين إلى المستشفيات القريبة.
لكن عناصر الحاجز عادوا لفتح النار مجدداً على سيارات الإسعاف التي حاولت المرور في طريق العودة، ما تسبب بحالة من الذعر بين السكان وأدى إلى تعطيل الحركة في الطريق الحيوي لساعات.
منع تنقل المدنيين وسرقة المساعدات
وقالت مصادر محلية إن الميليشيا المسيطرة على تلك النقاط تتبع لمجموعات يقودها أحد الشيوخ المعروفين في المنطقة، وتمارس منذ مدة ضغوطاً على السكان، عبر فرض قيود على التنقل ومنع النازحين من العودة إلى قراهم في شمال المحافظة أو مغادرتها نحو العاصمة دمشق.
كما تحدثت المصادر عن حالات متكررة من الاستيلاء على المساعدات الإنسانية والإغاثية المخصصة للأسر المتضررة، وسط اتهامات للعناصر المسيطرة بممارسة التهديد بحق من يحاول توثيق هذه التجاوزات أو الحديث عنها.
ويعاني سكان السويداء من ظروف معيشية صعبة في ظل تراجع الخدمات الأساسية، بينما تتزايد حوادث الفوضى الأمنية وعمليات الخطف والسطو في عدد من مناطق المحافظة.
هجمات على مواقع أمنية ونقاط للشرطة
وفي سياق متصل، شهدت مناطق أخرى من السويداء مساء الإثنين هجمات متفرقة استهدفت نقاطاً تابعة لقوى الأمن الداخلي، استخدمت فيها قذائف الهاون والرشاشات الثقيلة.
وقالت مصادر ميدانية إن مجموعات مسلحة مجهولة الهوية أطلقت النار كذلك باتجاه عدد من المدنيين الذين كانوا يعملون في قطاف الزيتون، إلا أن الهجوم لم يسفر عن إصابات بشرية.
وسُمع دوي انفجارات وإطلاق نار كثيف في أطراف المدينة، قبل أن تنتشر دوريات أمنية في عدد من الأحياء وتغلق بعض الطرق المؤدية إلى مراكز الأمن.
ويأتي هذا التصعيد وسط تزايد حدة التوتر بين الفصائل المحلية والقوى الأمنية .
تصاعد الاحتقان ومخاوف من انفلات شامل
تتزامن هذه التطورات مع تصاعد حالة الغضب الشعبي في المحافظة، إذ يرى الأهالي أن استمرار الفوضى الأمنية وغياب سلطة القانون بات يهدد حياتهم اليومية، فيما تحوّلت الحواجز المسلحة إلى مصدر خوف بدلاً من أن تكون وسيلة للحماية.
ويرى مراقبون أن الأحداث الأخيرة قد تشكّل مؤشراً على تدهور جديد في الوضع الأمني داخل السويداء، خاصة في ظل تداخل الولاءات بين الفصائل المحلية وغياب جهة رسمية قادرة على فرض السيطرة وضبط السلاح.
وتشير تقديرات محلية إلى أن عشرات المجموعات المسلحة باتت تسيطر على طرقات ومناطق حيوية داخل المحافظة، الأمر الذي يجعل أي احتكاك بسيط قابلاً للتحول إلى مواجهة مسلحة واسعة.
تداعيات إنسانية وأمنية متوقعة
الحوادث المتكررة خلال الأيام الأخيرة تثير المخاوف من دخول المحافظة في دوامة جديدة من العنف، خاصة مع استمرار الانقسام المجتمعي والسياسي حول دور الفصائل المنتشرة هناك.
ويرى مراقبون أن غياب الحل الأمني الموحد والتأخر في ضبط الوضع قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، في وقت تزداد فيه معاناة المدنيين من نقص الخدمات والبطالة وارتفاع الأسعار.
ومع استمرار التوترات، يترقب أهالي السويداء ما إذا كانت الأيام المقبلة ستحمل خطوات فعلية لاحتواء الأزمة أم أن المحافظة ستشهد جولة جديدة من الفوضى التي طالت معظم مناطقها في الأشهر الأخيرة.