لم تتوقف آلة الاحتلال الإسرائيلي عن استهداف غزة على مدار عامين، لتشمل الدمار الجسدي للمدنيين والمنازل، مرورًا بالهجمات الممنهجة على التراث الحضاري والثقافي للقطاع أكثر من 300 موقع أثري دُمر في مناطق متفرقة، لتصبح معالم تاريخية تعود لحقب متعددة أطلالًا ورمادًا، وسط فقدان آلاف القطع الأثرية التي سرقتها قوات الاحتلال، بما يشكل جريمة ممنهجة تهدف إلى محو الهوية الفلسطينية.
قصر الباشا، الذي شيّد في عهد السلطان المملوكي الظاهر بيبرس، تحول إلى موقع مدمر بالكامل القصر كان يضم أكثر من 17 ألف قطعة أثرية تعود للعصور البيزنطية والرومانية والإسلامية والعثمانية، إلا أن الاحتلال سرق جميع محتوياته، دون أن يترك أي أثر لما كان يرمز إلى تاريخ عميق وحضارة متجذرة في غزة.
المسجد العمري الكبير، أحد أقدم المساجد في القطاع، تعرض للقصف الممنهج، بما شمل ساحاته والمكتبة التي كانت تحتوي على كتب ومجلدات نادرة سوق القيسارية المجاور، الذي شكل قلب النشاط التجاري والثقافي للمدينة، دُمّر بالكامل، ليُمحى بعده التاريخي والثقافي، في مؤشر واضح على سياسة الاحتلال الممنهجة لطمس ماضي غزة وحاضرها.
حمام السمرة الأثري، آخر الحمامات التاريخية في غزة، اختفى بالكامل بعد ضربه بالقصف الإسرائيلي، وكان قبل ذلك موقعًا تاريخيًا ومزارًا طبياً واجتماعيًا لأهالي القطاع.
هذا الاستهداف الممنهج للقيم التاريخية والثقافية للفلسطينيين أزال الأدلة على جذورهم العميقة في هذه الأرض.
الانتهاكات بحق التراث الفلسطيني تمثل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية التي تحظر تدمير المواقع الأثرية والثقافية، بما في ذلك اتفاقية لاهاي واتفاقيات اليونسكو، واستمرت سياسة الاحتلال الشاملة التي تستهدف كل ما يمت للوجود الفلسطيني بصلة.
الدمار في غزة لا يقتصر على الخسائر المادية أو الأثرية، فهو جزء من عملية ممنهجة لمحو الهوية الفلسطينية، وتدمير الروابط التاريخية بين الشعب الفلسطيني وأرضه كما يشير إلى هشاشة حماية التراث الفلسطيني أمام آلة الاحتلال الإسرائيلية، التي لم تتوقف عن المضي في سياستها العدوانية رغم الإدانات الدولية المتكررة.