من بكين إلى بيروت: ماذا يعني الذهب الصيني لاحتياطي لبنان؟

2025.11.09 - 02:22
Facebook Share
طباعة

في ظل تحولات الاقتصاد العالمي وتزايد الاضطرابات النقدية، برز ابتكار صيني جديد يحمل اسم “الذهب الصيني”، يُنظر إليه بوصفه أحد أكثر التطورات التكنولوجية إثارة للجدل في أسواق المعادن النفيسة.
فالمنتج الجديد، الذي تم تطويره في مختبرات بكين المتقدمة، ذهبًا مصنعًا بتقنيات دقيقة، ما أثار تساؤلات حول تأثيره المحتمل على أسعار الذهب التقليدي واحتياطات الدول، خصوصًا لبنان الذي يحتل مركزًا متقدمًا عالميًا من حيث حجم احتياطه الذهبي.

“الذهب الصيني” هو ذهب نقي بنسبة 99.9% (عيار 24 قيراطًا)، خضع لتعديل في بنيته الذرية بإضافة كميات ضئيلة من معادن نادرة مثل الإنديوم والزنك، ما منحه صلابة تفوق الذهب العادي بأربعة أضعاف. وبحسب تصريحات الخبير الاقتصادي الدكتور عماد عكوش، فإن هذا الابتكار يمزج بين النقاء العالي والمتانة، ما يجعله مثاليًا لصناعة المجوهرات، ويخفض كلفتها بنسبة تتراوح بين 10 و20%. ورغم هذه المزايا، فإن “الذهب الصيني” لا يُعتبر بديلًا استثماريًا للذهب الطبيعي، إذ لم يكتسب بعد الثقة الكافية في الأسواق المالية أو البورصات العالمية، ويحتاج إلى وقت طويل ليُعامل كأصل مالي آمن.

تاريخيًا، لم تكن صناعة الذهب هدفًا للتجارب التكنولوجية، لكن الصين، التي سبق أن غزت سوق الألماس الصناعي بإنتاج ملايين القطع أسبوعيًا، تسعى عبر هذا الابتكار إلى إعادة تشكيل قواعد السوق العالمية للذهب.
فكما أدى الألماس الصناعي إلى انخفاض أسعار الأحجار الطبيعية، يخشى بعض المراقبين أن يتكرر السيناريو ذاته مع الذهب التقليدي، وإن كان بصورة تدريجية وأقل تأثيرًا.

في السياق اللبناني، لا يبدو أن هذا النوع من الذهب يشكّل خطرًا مباشرًا على احتياطات مصرف لبنان، التي تبلغ قيمتها نحو 38.6 مليار دولار ويُوضح عكوش أن الذهب المكوّن لاحتياطات المصرف هو سبائك نقية تُستخدم كأصل استراتيجي، وليس كمجوهرات أو أدوات استهلاكية كما أن المصارف المركزية حول العالم ما زالت تفضّل الذهب الطبيعي باعتباره أصلًا آمنا للتحوّط ضد التضخم وتقلّبات العملات. ويُستدل على ذلك من استمرار البنك المركزي الصيني نفسه في زيادة احتياطاته من الذهب التقليدي، رغم امتلاكه تكنولوجيا إنتاج “الذهب الصيني”.

أما على مستوى السوق المحلي، فقد يشهد لبنان انفتاحًا تدريجيًا على هذا الابتكار في قطاع المجوهرات، خصوصًا بين فئات الشباب الذين يبحثون عن مظهر الذهب عيار 24 بأسعار أقل. فالذهب الصيني يجمع بين المظهر الفاخر والمتانة العملية، ما قد يغير جزئيًا خريطة الاستهلاك في محال الصاغة. ومع ذلك، يبقى تأثيره محدودًا في الإطار التجاري، دون أن يمتد إلى المجال النقدي أو الاستثماري.

في النهاية، يمثل “الذهب الصيني” خطوة متقدمة في توظيف التكنولوجيا لخدمة الاقتصاد، ويكشف عن طموح بكين لتوسيع نفوذها عبر الابتكار الصناعي لكنه لا يشكّل في المدى المنظور تهديدًا حقيقيًا لاحتياطات الذهب الوطنية في لبنان، بل ربما يفتح بابًا جديدًا للنقاش حول مستقبل المعادن الثمينة في عالم يعيد تعريف القيمة، بما هو ممكن في المختبر. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 7