في كل مرة تحاول إسرائيل إعادة صياغة روايتها حول 7 أكتوبر، تظهر تسريبات وتقارير من إعلامها نفسه تكشف حجم الانهيار الذي أصاب جيشها في ذلك اليوم.
آخر هذه الشهادات جاء عبر موقع "واللا" العبري الذي نشر تقريرًا مطولًا يعيد رسم المشهد من الداخل، لا كعملية مفاجئة فحسب، بل كانت انهيارًا أمنيًا وعسكريًا شاملاً أربك القيادة الإسرائيلية وفضح عجزها عن إدارة الميدان.
التقرير ركز على العقيد أساف حمامي، قائد اللواء الجنوبي، الذي تحوّل من ضابط ميداني إلى رمز لهزيمة مبكرة في مواجهة مقاتلين فلسطينيين تحركوا بخطة منسقة ومحكمة. عند الساعة 6:29 صباحًا بدأ سقوط الصواريخ، وبعد دقيقتين فقط كان السياج الحدودي في أكثر من عشرين نقطة قد تم اختراقه، فيما تعطلت أنظمة المراقبة والرصد بالكامل المشهد الذي وثّقه التقرير انهيار جيش كان يعيش أوهام السيطرة.
لم يستطع حمامي الانتظار في غرفة العمليات، فتحرك مع فريقه إلى الميدان في محاولة لاحتواء التسلل، لكنه واجه واقعًا مغايرًا تمامًا لما رسمته قيادة الجيش في تقديراتها. وجد نفسه وسط كمائن المقاومة دون دعم أو غطاء، وفي دقائق انتهت محاولته بقتله مع مرافقيه، في واحدة من أولى المواجهات التي جسدت حجم الفشل الإسرائيلي في إدارة الأزمة.
التقرير الإسرائيلي، رغم لغته العسكرية، يعكس مأزقًا أعمق من مجرد خسارة ضابط كبير. فهو يوثق لحظة انهيار البنية القيادية التي طالما تباهت بها تل أبيب، ويظهر أن ما حدث لم يكن اختراقًا حدوديًا عابرًا، بل ضربة موجعة لمنظومة الردع الإسرائيلية التي فشلت في استشعار الخطر رغم التحذيرات السابقة.
وبعد أكثر من عامين على تلك الأحداث، عاد اسم حمامي للواجهة بعد استعادة جثمانه ضمن صفقة تبادل الأسرى الأخيرة، في مشهد يختصر ما آلت إليه المعادلة: إسرائيل تفاوض وتتنازل مقابل رموزٍ عسكرية فقدت هيبتها في "طوفان الأقصى".
تقرير "واللا" وثّقها بتفاصيلها الميدانية الدقيقة، ليكشف أن ما جرى في السابع من أكتوبر لم يكن "حدثًا استثنائيًا" كما وصفه الجيش، بل نقطة تحوّل أنهت أسطورة الأمن الإسرائيلي وأعادت للقضية الفلسطينية موقعها المركزي في ميزان القوة بالمنطقة.