مع اقتراب الشتاء، تتحول غزة إلى مخيمٍ كبير للبرد والجوع، لا سقف فيه يحمي ولا نار تُدفئ. فبعد عامٍ من حرب الإبادة الإسرائيلية، تدخل العائلات الفلسطينية مرحلة جديدة من المعاناة، في ظل الدمار الشامل وغياب أدنى مقومات الحياة.
الأمم المتحدة، عبر مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أطلقت تحذيراتها من "شتاء كارثي" يهدد مئات الآلاف من سكان القطاع، الذين يفترشون الأرض بعد أن حوّل القصف الإسرائيلي بيوتهم إلى أنقاض.
فحتى اللحظة، لا يمكن الوصول إلا إلى 4% فقط من الأراضي الزراعية، ما يجعل الأمن الغذائي على حافة الانهيار.
ورغم مرور أسابيع على سريان وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول، فإن تدفق المساعدات لا يزال بطيئاً، حسب ما أكده نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، الذي عبّر عن أسف المنظمة الدولية تجاه "القيود الإسرائيلية المستمرة" التي تمنع دخول المواد الأساسية وتعرقل عمل المنظمات الإنسانية.
الأمم المتحدة أشارت إلى أن ما تم إدخاله من مساعدات لا يتجاوز 37 ألف طن، معظمها مواد غذائية، وهو رقم ضئيل مقارنة بخطة الإمدادات التي تتطلب أكثر من 190 ألف طن خلال ستين يوماً لتغطية الاحتياجات العاجلة، ويقتصر إدخال المساعدات على نقطتي عبور فقط، ما يجعل الوصول إلى شمال القطاع شبه مستحيل، بينما تستمر القيود على دخول السلع الحيوية ومنع الموظفين الأمميين من أداء مهامهم.
في المقابل، حذّرت منظمة الصحة العالمية من انهيار كامل للنظام الصحي في غزة، مع انتظار أكثر من 16 ألف مريض لإجلائهم للعلاج في الخارج، مؤكدة أن إغلاق معبر رفح يُفاقم الكارثة الصحية المنظمة وصفت الوضع بأنه "غير إنساني"، داعيةً المجتمع الدولي للضغط من أجل فتح المعابر والسماح بتدفق المساعدات دون عوائق.
ورغم الهدنة، يواصل الاحتلال الإسرائيلي خروقاته اليومية، مانعاً وصول الإمدادات ورافضاً الالتزام بالمسؤوليات الإنسانية. ومع دخول الشتاء، يبدو أن غزة لا تواجه فقط برودة الطقس، بل برود الضمير العالمي الذي صمت طويلاً أمام حصارٍ يمتد من الجوع إلى الدواء.