تحذيرات من تقسيم السودان وسط تصاعد القتال في دارفور

2025.11.08 - 03:52
Facebook Share
طباعة

يتصاعد المشهد السوداني نحو مزيد من التعقيد السياسي والعسكري، في ظل استمرار المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، وما خلفته من أزمة إنسانية متفاقمة، خصوصاً بعد سقوط مدينة الفاشر في أيدي قوات الدعم السريع. وبينما تلوح في الأفق مبادرات إقليمية ودولية للتهدئة، يحذر مسؤولون سودانيون من أن أي هدنة لا تتضمن حماية المدنيين ومحاسبة الجناة قد تفتح الباب أمام سيناريوهات قاتمة تهدد وحدة البلاد.

 

تصعيد سياسي وتحذيرات من التقسيم

أكد وزير الموارد البشرية والرعاية الاجتماعية السوداني، معتصم صالح، أن ما شهدته مدينة الفاشر يعد "كارثة إنسانية بكل المقاييس"، مشيراً إلى أن أعداد الضحايا بعد اجتياح قوات الدعم السريع للمدينة "تصل إلى عشرات الآلاف".
وشدد الوزير على أن تلك القوات، التي وُصفت بأنها ارتكبت "انتهاكات جسيمة بحق السودانيين"، لا يمكن أن يكون لها أي دور مستقبلي في الحياة السياسية أو العسكرية، في إشارة واضحة إلى توجه حكومي لحظرها بشكل كامل بعد انتهاء الحرب.

من جانبه، حذر حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي من مغبة إبرام أي هدنة لا تتضمن "حماية المدنيين ومحاسبة مرتكبي الجرائم"، معتبراً أن مثل هذه الترتيبات "تعني عملياً تقسيم السودان"، في ظل سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق واسعة في غرب البلاد.

وأضاف مناوي في تصريحات نشرها عبر منصة «إكس» أن أي هدنة حقيقية يجب أن تسبقها إجراءات واضحة تشمل انسحاب قوات الدعم السريع من المناطق السكنية والمستشفيات، والإفراج عن المختطفين من النساء والأطفال، إضافة إلى تأمين عودة النازحين إلى مناطقهم.

 

تحركات إقليمية ودولية مكثفة

تزامنت التحذيرات الداخلية مع تحركات دبلوماسية متسارعة تقودها دول عربية وإقليمية لمحاولة كبح الانزلاق نحو الفوضى.
فقد أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اتصالاً بنظيره الروسي سيرغي لافروف، شدد خلاله على ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية لضمان هدنة إنسانية شاملة، وفتح ممرات آمنة لتوصيل المساعدات إلى المناطق المنكوبة.

وتأتي هذه الجهود عقب إعلان قوات الدعم السريع موافقتها المبدئية على هدنة إنسانية طرحتها دول "الآلية الرباعية" (الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، ومصر)، فيما يبحث الجيش السوداني مقترحاً أميركياً لوقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر، وسط ضغوط مصرية لقبول المبادرة، بحسب ما نقلته وكالة بلومبرغ.

 

كارثة إنسانية في دارفور

تعيش دارفور، وبالأخص مدينة الفاشر، وضعاً إنسانياً بالغ السوء بعد المعارك الأخيرة التي خلفت آلاف القتلى ومئات الآلاف من النازحين.
وتشير تقارير المنظمات الإنسانية إلى أن المخيمات في غرب السودان تعاني نقصاً حاداً في الغذاء والمياه والأدوية، فيما تواصل الاشتباكات في مناطق عدة إعاقة وصول الإغاثة.

الصور القادمة من الميدان تعكس واقعاً مأساوياً: عائلات بأكملها تنزح سيراً على الأقدام، ومستشفيات خرجت عن الخدمة، فيما تتحدث تقارير ميدانية عن انتهاكات واسعة النطاق، بينها عمليات نهب وقتل وتعذيب للمدنيين.

 


اندلعت الحرب في أبريل (نيسان) 2023 نتيجة صراع على السلطة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خلال مرحلة انتقالية كان من المفترض أن تفضي إلى انتخابات تقود إلى حكم مدني.
غير أن الخلافات حول دمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي فجرت مواجهة مسلحة سرعان ما تحولت إلى حرب شاملة امتدت إلى معظم الولايات، لتصبح واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في إفريقيا.

 

مستقبل غامض

بين مساعي الوساطة وضغوط الخارج، يقف السودان على مفترق طرق مصيري: فإما هدنة تضمن حماية المدنيين وتفتح الباب لحل سياسي شامل، أو استمرار الحرب التي قد تقود إلى تفكك الدولة وانقسامها فعلياً بين الشرق والغرب.
ويرى مراقبون أن غياب الثقة بين الجيش والدعم السريع، وتعدد الولاءات الإقليمية، يجعل من أي تسوية رهينة توازنات معقدة، بينما يدفع المدنيون — كالعادة — الثمن الأكبر في حرب لا تبدو لها نهاية قريبة. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 7