روائح المطار ومحيطه: تحديات بيئية وإدارية في بيروت

2025.11.08 - 03:46
Facebook Share
طباعة

محيط مطار رفيق الحريري الدولي يواجه أزمة مزمنة مع الروائح الكريهة الناتجة عن تراكم الفوضى البيئية والاجتماعية والأمنية.
الروائح تنتقل إلى البلدات المجاورة، لتخنق الأجواء وتترك انطباعاً سلبياً عن لبنان لدى الزائرين والمقيمين هذه المشكلة ليست مجرد إزعاج، بل تعكس تراكم إخفاقات الإدارة في معالجة ملفات الصرف الصحي والنفايات والمسالخ والمزارع غير المرخصة.

الصرف الصحي ونهر الغدير:

نهر الغدير تحول إلى مجرور مفتوح للنفايات العضوية ومياه الصرف، خصوصاً في حي السلم وصحراء الشويفات، حيث كثافة العمران عالية ولا توجد بنية تحتية مناسبة المياه الآسنة تتجمع في نقاط منخفضة، ومع حرارة الصيف تجف وتتخمر، ما يؤدي إلى تصاعد الروائح وانتشار البكتيريا في المحيط. محاولات ربط المباني المخالفة بالمجاري الرسمية لم تنجز، ونهر الغدير يستمر في جمع النفايات من جميع المناطق المحيطة، بما فيها مخلفات المسالخ.

المسالخ والمزارع غير المرخصة:

المسالخ والمزارع التي أنشئت بعد إقفال مسلخ بيروت المركزي تشرف معظمها على مطار رفيق الحريري الدولي، بعضها على بعد 10 أمتار فقط من المطار. الغالبية تعمل دون حواجز تمنع انتشار الروائح، ويُنتج زبل الأبقار نفايات عضوية تزيد الانبعاثات الكريهة.
تدخل وزارات البيئة والزراعة والصحة لم يكن كافياً لإغلاق هذه المزارع أو نقلها، نظراً لحمايتها من قوى الأمر الواقع، فيما بعض أصحاب المزارع يبيعون الزبل الجاف كسماد عضوي، ما يزيد من الروائح المنبعثة.

مطمر "الكوستا برافا":

مطمر "الكوستا برافا" يضيف طبقة إضافية من التلوث، حيث العصارات والنفايات العضوية تتبخر أو تصب في البحر، محملة بالملوثات الوحدتان الأقرب إلى المدرج تعملان على دفع المياه المبتذلة بدل معالجتها، ما يحافظ على الانبعاثات في الهواء ويزيد من خطر الأمراض التنفسية.

محاولات الحلول والقياس العلمي:

لجنة خاصة شكلتها الحكومة عقدت اجتماعات عدة لدراسة مصادر الروائح، لكنها لم تجد حلولاً جذرية جامعة أميركية في بيروت، عبر مشروع SHIM، رصدت غازات الكبريت والهيدروجين والأمونيا، وأكدت تسجيل أعلى نسب الانبعاثات في المناطق الواقعة بين نهر الغدير والشويفات النتائج توضح أن المشكلة بنيوية وتحتاج إلى معالجة شاملة للبنية التحتية، الرقابة على المسالخ والمزارع، وإدارة مطمر النفايات بفعالية.

الحاجة إلى حلول جذرية:

الحلول لم تفِ بالغرض، وإجراءات فتح المجارير وتنظيف النهر تقدم حلولا مؤقتة فقط. المنطقة بحاجة إلى إعادة تقييم كامل للبنية التحتية للصرف الصحي، فرض معايير صارمة على المسالخ والمزارع، وإلزام المطمرات بتقنيات معالجة المياه والنفايات. الاستثمار في هذه الإجراءات لن يحسن جودة الهواء فقط، بل سيحمي صحة المواطنين ويعزز صورة لبنان أمام السياح والزائرين.

يرى مراقبون أن أزمة الروائح الكريهة في محيط المطار تراكمات لأخطاء إدارية وهيكلية مستمرة منذ سنوات معالجة المشكلة تتطلب جهوداً متكاملة بين مختلف الوزارات والبلديات ومجتمع الأعمال، مع تنفيذ خطط بيئية واضحة لتقليل التلوث وحماية الصحة العامة. الحلول المؤقتة لم تعد كافية، والمنطقة بحاجة إلى خطة طويلة المدى لإعادة الموازنة بين التنمية العمرانية والسلامة البيئية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 2