خلفيات مشروع سوفا 53 في الجنوب السوري

2025.11.08 - 11:40
Facebook Share
طباعة

 تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ مشروعها العسكري المعروف باسم «سوفا 53» على امتداد الأراضي السورية بمحاذاة الجولان المحتل، حيث توغّلت في قرى ريف القنيطرة الجنوبي والشمالي، وأقامت حواجز مؤقتة ونقاط مراقبة، في خرق واضح لاتفاقية فصل القوات الموقعة عام 1974.

وتشير المعطيات الميدانية إلى أن المشروع يمتد من بلدة حضر وصولاً إلى قرى مثل جباثا الخشب، الحميدية، القحطانية، رويحينة، بئر عجم، بريقة والعشة، في إطار خطة إسرائيلية تهدف إلى إنشاء طريق عسكري محصّن بسواتر ترابية وخنادق ونقاط مراقبة، ما يعكس محاولة فرض واقع ميداني جديد على الأراضي السورية.


توغّل إسرائيلي متواصل
مصادر محلية أكدت أن القوات الإسرائيلية توغلت في قرى السعايدة والعجرف وأوفانيا، حيث نصبت حاجزًا على طريق أوفانيا ـ جباتا الخشب ومنعت السكان من المرور. كما شهدت قرية الرفيد نشاطًا مكثفًا، إذ تحركت سبع آليات عسكرية ليلاً بالقرب من مفرزة قديمة، بينما حلق سرب من الطائرات المسيرة (درون) فوق القرية.

أعمال المشروع توسعت لتشمل شق طرق محصنة بعرض يقارب ثمانية أمتار، ووضع نقاط مراقبة تمتد على طول المسار داخل المنطقة العازلة، مستغلة سلطات الاحتلال حالة الفراغ الأمني جنوب القنيطرة عقب توترات السنوات الماضية. وقد تراوح عمق التوغّل الإسرائيلي بين 300 متر في عدة مواقع، ما أدى إلى الاستيلاء على مساحات زراعية واسعة وتدمير الغطاء النباتي، بما في ذلك المراعي والأشجار البرية التي تشكل مصدر رزق للسكان المحليين.


الأثر على السكان المحليين
عمليات التجريف والتمهيد حدّت من قدرة الأهالي على الوصول إلى أراضيهم، بينما تتعرض المنطقة لانفجارات متفرقة نتيجة الألغام الفردية التي خلفتها أعمال التجريف الإسرائيلية. هذا الواقع يعكس تأثير المشروع العسكري على الحياة اليومية للسكان، ويزيد من حدة التوتر في ريف القنيطرة، خصوصًا في القرى الواقعة على مقربة من الطريق الدولي.

الناشطة الميدانية سلام هاروني أكدت أن المشروع بدأ منذ منتصف 2022، وتطور تدريجيًا ليشمل إنشاء طريق عسكري طويل بنقاط مراقبة متقدمة، مستغلة الاحتلال أي ضعف أمني لتحقيق أهدافه الاستراتيجية.


خطة إسرائيلية أوسع
يهدف مشروع «سوفا 53» إلى ترسيم حدود أمنية جديدة داخل الأراضي السورية، من خلال طرق عسكرية مزودة بنقاط مراقبة وتمركز، ضمن مساعي إسرائيل لتوسيع نفوذها داخل المنطقة العازلة. ويأتي هذا في سياق توغل يومي، تزامن مع قيام قوات الاحتلال بدخول قرى أخرى مثل رويحينة وأوفانيا، حيث نفذت عمليات تفتيش للمركبات والمارة، مؤكدين استمرار اعتداءاتهم على الأراضي السورية في خرق للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.


التحرك السوري والدولي
تواجه الحكومة السورية الانتقالية ضرورة التصدّي لهذه الاعتداءات عبر حراك دبلوماسي متعدد المستويات، بما في ذلك طلب عقد اجتماع عاجل لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزاري لاستصدار موقف عربي موحد يدين العدوان الإسرائيلي ويدعم الحقوق السورية. كما يُتوقع تحرك نحو الاتحاد الأوروبي، لتفعيل ضغوط سياسية واقتصادية على إسرائيل وضمان احترام القانون الدولي.

إلى جانب ذلك، ينبغي تفعيل التحالفات مع القوى الدولية المناهضة للاحتلال، واللجوء إلى المنظمات الأممية المختصة، بما فيها محكمة العدل الدولية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، لتعزيز الشرعية السورية وكشف ممارسات الاحتلال أمام الرأي العام العالمي، وحشد الدعم لحماية سيادة سوريا ووحدة أراضيها.


مسؤولية المجتمع الدولي
وفق القانون الدولي، يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليات واضحة في حماية المدنيين وضمان احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها. وينبغي للأمم المتحدة إعادة النظر في دورها الرقابي، بما في ذلك تطوير آلية إنسانية مستقلة لضمان وصول المساعدات دون عوائق، وطلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية بشأن الوضع القانوني للجولان السوري المحتل.

كما تتحمل الولايات المتحدة مسؤولية مزدوجة بصفتها حليفًا رئيسيًا لإسرائيل وعضوًا دائمًا في مجلس الأمن، حيث يجب أن تُربط مساعداتها العسكرية لإسرائيل باحترام القانون الدولي، والامتناع عن أي ممارسات استيطانية أو انتهاك للسيادة السورية، إلى جانب دعم الانخراط الدبلوماسي لإيجاد إطار أمني إقليمي متوازن.

الاتحاد الأوروبي وتركيا والدول العربية مدعوة أيضًا للضغط السياسي والاقتصادي لتخفيف التوتر، واستعادة الحقوق السورية، بما في ذلك استعادة السيادة والحدود وضمان حماية المدنيين.


قراءة تحليلية
مشروع «سوفا 53» يعكس استراتيجية إسرائيلية لتوسيع السيطرة داخل الأراضي السورية وفرض واقع ميداني جديد، مستغلة الفراغ الأمني والضعف في آليات الرد السوري والدولي. كما يوضح المشروع استمرار النزاع غير المباشر في المنطقة العازلة، حيث تتشابك الأبعاد العسكرية والسياسية والدبلوماسية، مما يجعل حل الأزمة معقدًا ويستدعي تنسيقًا دوليًا وإقليميًا عاجلاً.

في الوقت نفسه، فإن استمرار توغل الاحتلال والتمدد داخل الأراضي السورية يهدد مصادر رزق السكان ويزرع ألغامًا وانفجارات متفرقة، ويعيد رسم خريطة النفوذ العسكري في الجنوب السوري على نحو يفرض تحديات مباشرة على الأمن والاستقرار المحلي.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 10