درعا- السويداء.. توترات عشائرية جديدة على الأبواب

2025.11.08 - 11:31
Facebook Share
طباعة

 شهد طريق درعا- السويداء مساء الخميس حادثة اختطاف صادمة لعائلة كاملة تنحدر من محافظة دير الزور، تتألف من ستة أفراد بينهم أطفال ونساء، في خطوة أعادت التوترات العشائرية والأمنية إلى واجهة المشهد في المنطقة. طالب الخاطفون بمبلغ 600 ألف دولار أمريكي مقابل الإفراج عنهم، وهو ما دفع ذوي العائلة إلى إطلاق نفير عام واستنفار عشائري تحسباً لأي تصعيد محتمل.

وفق مصادر محلية، تضم العائلة المخطوفة طفلاً يبلغ عامين ونصف وفتاتين بعمر 15 عامًا، وجميعهم ينتمون إلى عشيرة “العكيدات”. ووفق تسجيلات مصورة اطلع عليها أقارب العائلة، ظهر المخطوفون في مقاطع منفصلة، أحدهم معصوب العينين وشبه عارٍ، يطالبون ذويهم بسرعة دفع المبلغ المطلوب قبل يوم السبت المقبل، محذرين من القتل أو تسليمهم إلى قوات محلية معروفة.

الواقعة جاءت وسط اتهامات من ذوي المخطوفين لفصيل مسلح موالٍ للشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، فيما كشف أحد المخطوفين أن الخاطفين اطّلعوا على هاتفه ووجدوا محادثات تربطه بأحد عناصر الأمن العام، وهو ما يزيد حساسية القضية ويعقّد أي جهود رسمية للإفراج عن العائلة.

العائلة التي تنحدر من قرية “غريبة” على طريق الكرية بين درعا والسويداء، اختُطفت خلال تنقلها، في ما يشير إلى أن الطرق الواصلة بين المحافظات ما زالت غير آمنة، رغم التواجد الحكومي ونقاط التفتيش المنتشرة. هذه الحادثة تأتي بعد أشهر من تصاعد النزاع في السويداء، في أعقاب أحداث تموز الماضي التي شهدت مواجهات مسلحة بين سكان محليين من الطائفة الدرزية وبدو المنطقة، مما ترك جرحًا عميقًا في الذاكرة الجماعية.


نفير عشائري واستنفار القبائل
دفعت حادثة الاختطاف عشيرة “العكيدات” إلى إعلان النفير العام، بالتنسيق مع بعض العشائر في دمشق ودير الزور، تحسباً لأي تصعيد محتمل. وقد اجتمع أقارب المخطوفين مع شيوخ العقل من الطائفة الدرزية في صحنايا بريف دمشق، إلى جانب وجهاء عشيرة “البوجامل”، للضغط على الجهات المسؤولة للإفراج عن العائلة قبل نهاية المهلة التي منحوها للخاطفين.

أحد أقارب المخطوفين، عثمان العساف، أوضح أن المنطقة التي وقع فيها الاختطاف تقع تحت سيطرة الحكومة، إلا أن الأخيرة لم تتدخل حتى اللحظة، ما يسلط الضوء على هشاشة السيطرة الأمنية في مناطق حساسة، ويطرح تساؤلات عن مدى قدرة الحكومة على حماية المواطنين وسط تصاعد الانقسامات العشائرية.

حتى الآن، لم تتبن أي فصائل في السويداء عملية الاختطاف، ولم يُؤكد وجود أي من المخطوفين لدى هذه الفصائل بشكل مستقل، ما يزيد الغموض حول الجهة المسؤولة ويضاعف الضغط على الأسرة والمجتمع المحلي لإيجاد حل سريع.


خلفية الأحداث في السويداء
تعود جذور التوتر في السويداء إلى أحداث تموز الماضي، حين اندلعت مواجهات بين سكان حي المقوس البدو وعدد من أبناء الطائفة الدرزية بعد عمليات اختطاف متبادلة. تدخلت الحكومة السورية لفض النزاع، إلا أن ذلك ترافق مع انتهاكات ضد المدنيين من الطائفة الدرزية، ما دفع فصائل محلية للرد، بما فيها عناصر كانت تتعاون سابقاً مع وزارتي الدفاع والداخلية. لاحقاً، انسحبت القوات الحكومية بعد ضربات إسرائيلية، وتبعتها موجة انتقامية ضد بعض سكان البدو، قبل التوصل إلى اتفاق برعاية أمريكية لوقف العمليات العسكرية.

رغم الاتفاق، ما زالت المناوشات محدودة بين الأطراف المختلفة، بينما تبقى الطرق الحيوية مثل طريق دمشق- السويداء عرضة للهجمات. ففي 28 من تشرين الأول الماضي، استهدفت حافلة مدنية أثناء مرورها عبر حاجز الأمن العام في منطقة “المطلة”، ما أسفر عن مقتل مدنيين وإصابة آخرين، في حادث اعتبره قائد الأمن الداخلي بـ"الاعتداء الإرهابي" ومحاولة لزعزعة الاستقرار، بينما اتهم الحرس الوطني التابع للشيخ الهجري الحكومة بالوقوف وراء العملية.


تهديد مستمر وخطر التصعيد
حادثة الاختطاف الأخيرة تُعيد تسليط الضوء على هشاشة الأمن في المناطق الحدودية بين المحافظات، وتهديد الاستقرار الاجتماعي والسياسي، خصوصاً مع انخراط عشائر واسعة في التحرك، وهو ما يفتح الباب أمام تصعيد عشائري واسع إذا لم يتم حل القضية بسرعة. كما تبرز الحاجة إلى معالجة جذور التوترات العشائرية والبحث في كيفية حماية المدنيين في مناطق مختلطة سياسياً وعرقياً، بعيداً عن الحسابات الانتقامية والفوضى المسلحة.

في النهاية، تبقى الأسرة المخطوفة محور هذه الأزمة، فيما يقف المجتمع المحلي على حافة التوتر، متأهباً لأي تصعيد، بينما تحاول الحكومة والفصائل المحلية إيجاد صيغة للحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار، قبل أن تتحول هذه الشرارة الصغيرة إلى مواجهة أوسع قد تُعيد المنطقة إلى أجواء غير مستقرة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 3