وفيات غامضة في رومية تثير القلق مجددًا

2025.11.08 - 09:14
Facebook Share
طباعة

 يشهد ملف المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية تصاعدًا جديدًا في الجدل، بعد تسجيل حالات وفاة متكررة داخل سجن “رومية”، وسط اتهامات بالإهمال الطبي وسوء المعاملة، ومطالبات حقوقية بفتح تحقيقات رسمية وضمان الحد الأدنى من الرعاية الصحية للموقوفين.

وتشير مصادر حقوقية مطلعة إلى أن السجون اللبنانية، وعلى رأسها “رومية”، تضم مئات المعتقلين السوريين الذين أوقفوا خلال السنوات الماضية على خلفيات مختلفة، بعضها أمني وبعضها يتعلق بالإقامة غير الشرعية أو الاشتباه بالانتماء إلى جماعات مسلحة خلال فترة الحرب في سوريا. إلا أن منظمات حقوقية تؤكد أن نسبة منهم لم يُحاكموا بعد أو ما زالوا بانتظار المحاكمة منذ سنوات.


وفاة تثير التساؤلات
أحدثت وفاة أحد المعتقلين السوريين داخل السجن خلال الأسبوع الجاري موجة جديدة من الانتقادات، بعد أن ذكرت مصادر مطلعة أنه كان يعاني من مشاكل صحية حادة دون تلقي العلاج اللازم. وتحدثت مصادر من داخل السجن عن أن زملاءه حاولوا تنبيه إدارة السجن إلى تدهور حالته الصحية قبل وفاته، لكنهم لم يتلقوا استجابة.

ووفقًا للمصادر ذاتها، فإن إدارة السجن لم تصدر بيانًا رسميًا حول ظروف الوفاة، فيما طالبت منظمات حقوقية لبنانية وسورية بفتح تحقيق شفاف لتحديد المسؤوليات ومحاسبة المقصرين، معتبرة أن الإهمال الطبي المتكرر في السجون يمثل خرقًا واضحًا للمعايير الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.


احتجاجات ودعوات للتحقيق
بالتزامن مع الحادثة، شهدت بلدة كفرعايا في ريف حمص الجنوبي وقفة احتجاجية شارك فيها العشرات من الأهالي والناشطين، طالبوا خلالها بالكشف عن مصير المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية، ورفعوا لافتات تدعو إلى “احترام الكرامة الإنسانية” و”محاسبة المسؤولين عن حالات الوفاة المتكررة”.

وأكد المشاركون في الوقفة أن قضية المعتقلين في لبنان لم تعد مسألة قانونية فقط، بل قضية إنسانية بامتياز، خصوصًا مع ورود أنباء عن تدهور أوضاع بعضهم الصحية، وعدم السماح بزيارات منتظمة أو تواصل دوري مع ذويهم.


خلفية ملف معقد
يأتي هذا التصعيد في الوقت الذي يعاني فيه آلاف السوريين من تبعات النزوح الطويل إلى لبنان منذ اندلاع الحرب السورية قبل أكثر من عقد. ومع تدهور العلاقات السياسية بين الجانبين خلال السنوات الماضية، تحوّل ملف المعتقلين إلى أحد أكثر القضايا حساسية بين الحكومتين.

ويشير حقوقيون إلى أن بعض المعتقلين أُوقفوا بناءً على اشتباهات عامة دون أدلة كافية، أو بسبب مشاكل في أوراق الإقامة، بينما تم توجيه تهم أمنية لآخرين في سياق أمني مشحون شهدته البلاد خلال الأعوام الماضية.


وفاة القاصر مهند الأحمد
وفي واقعة سابقة أعادت الجدل حول هذا الملف، وفاة الفتى السوري مهند الأحمد (14 عامًا) في سجن الوروار بلبنان، في ظروف وُصفت بالغامضة. ورغم إعلان السلطات اللبنانية أن الوفاة ناجمة عن “سكتة قلبية”، فإن عائلته أكدت أن الرواية الرسمية متناقضة، إذ أُبلغ شقيقه المعتقل في سجن “رومية” لاحقًا بأن مهند “أقدم على الانتحار”.

وطالبت عائلة الفتى، عبر وسائل الإعلام، بتسليم جثمانه إلى ذويه في سوريا لدفنه، مشيرة إلى أن الإجراءات القانونية والإدارية المعقدة تعرقل إعادة الجثمان حتى الآن. وأكد أقرباء الضحية أن تأخير تسليم الجثمان “يضيف معاناة جديدة إلى مأساة العائلة”.


دعوات لتدخل أممي
تزايدت المطالب خلال الأيام الأخيرة بضرورة تدخل منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية للوقوف على أوضاع السجون اللبنانية التي تضم موقوفين سوريين. ويرى حقوقيون أن “التحقيق المستقل والعلني هو السبيل الوحيد لمعرفة الحقيقة”، وأن استمرار الصمت الرسمي حول هذه القضايا “يشجع على التمادي في الانتهاكات”.

من جانبها، دعت فعاليات سورية، إضافة إلى مؤسسات قانونية لبنانية، إلى إعادة النظر في أوضاع السجناء السوريين، وتمييز الحالات القانونية عن القضايا السياسية أو الأمنية، وضمان وصول المعتقلين إلى الرعاية الصحية اللازمة والمحاكمات العادلة.

ويؤكد مراقبون أن استمرار هذه الحالات دون محاسبة أو متابعة قضائية جادة “يهدد بتفاقم الاحتقان الاجتماعي والسياسي” بين السوريين المقيمين في لبنان، ويعمّق أزمة الثقة بين الجانبين.

وفي ظل تكرار حوادث الوفاة وازدياد الشكاوى من سوء المعاملة داخل السجون اللبنانية، يبدو أن ملف المعتقلين السوريين يقترب من أن يتحول إلى قضية رأي عام تتجاوز الإطار القانوني إلى الميدان الإنساني والسياسي، مع تصاعد الدعوات المحلية والدولية لوضع حد لما يُوصف بأنه “تقصير مزمن” في ضمان حقوق الموقوفين ورعايتهم الصحية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 4