لبنان: الاقتصاد يرتفع في 2025 رغم التحديات
يشكل الاقتصاد اللبناني حالة فريدة في المنطقة، إذ يشهد نموًا إيجابيًا بعد سنوات من الانكماش المتواصل، رغم غياب عوامل التحفيز التقليدية فقد بلغ الانخفاض التراكمي للناتج المحلي الإجمالي منذ 2019 نحو 40%، وانكمش الاقتصاد الحقيقي بنسبة 7,1% في 2024. وفي المقابل، تشير تقديرات البنك الدولي إلى نمو الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 4,7% في 2025، ليكون أول نمو إيجابي منذ 2017.
النمو في لبنان يعود أساسًا إلى القطاع السياحي الذي شهد انتعاشًا ملحوظًا خلال الصيف، إضافة إلى نشاطات قطاع البناء والعقارات، وحركة المرفأ والمطار، وزيادة الواردات بنسبة 12% في الأشهر الثمانية الأولى من العام، رغم أن جزءًا منها مرتبط بالتضخم المستورد. ومع أن هذا النمو مهم، إلا أنه لا يشمل الاقتصاد غير الرسمي بالكامل، الذي يشكل نحو نصف حجم الاقتصاد اللبناني، وفق تقديرات البنك الدولي، ويستطيع أن يرفع الناتج الإجمالي إلى نحو 45 مليار دولار.
يشير الخبراء الاقتصاديين، إلى أن مؤشرات القطاع الحقيقي تدعم النمو المتوقّع عند 5% مقارنة بقاعدة متدنية في 2024، ما يعكس انتعاشًا نسبيًا رغم الظروف الأمنية والسياسية الهشة.
يرى بعض الخبراء أن الاقتصاد الرسمي وحده لا يمكن أن يحقق هذا النمو، بسبب غياب القطاع المصرفي الفعال، وقلة الاستثمارات الأجنبية، ونقص الإنفاق الحكومي الاستثماري. بالإضافة إلى أن النمو الحقيقي في الاقتصاد الرسمي قد يصل إلى 0,5% فقط، فيما يمكن للاقتصاد غير الرسمي أن يحقق نسبة أعلى إذا تم دمجه في الاقتصاد الشرعي.
حتى الآن، استطاعت البنوك اللبنانية جذب ودائع جديدة تجاوزت 4 مليارات دولار، رغم غياب إعادة الإعمار ودعم المصارف التقليدي ويعود الانتعاش الجزئي أيضًا إلى رغبة اللبنانيين في الاستثمار في السوق المحلية، ما يعكس مرونة الاقتصاد اللبناني وقدرته على الصمود أمام التحديات، رغم ضعف البنى المؤسسية.
في المقارنة الإقليمية، يُتوقع أن ينمو اقتصاد الإمارات بنسبة 5% ومصر 4,5% والسعودية 4% هذا يبرز تميز لبنان في استعادة النشاط الاقتصادي، حتى مع محدودية الأدوات الرسمية.
تؤكد الأرقام أن انتعاش لبنان الاقتصادي في 2025 يظل إنجازًا نسبيًا و"أعجوبة" ضمن السياق الإقليمي، ولكنه يوضح الحاجة الماسة إلى تعزيز دور القطاع المصرفي، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وإعادة دمج الاقتصاد غير الرسمي ضمن الناتج المحلي لتحقيق نمو مستدام وقوي على المدى الطويل.
