في تصعيد جديد يعكس اتساع رقعة المواجهة على الجبهة اللبنانية، أصدر الجيش الإسرائيلي، اليوم الخميس، إنذارًا عاجلًا لسكان بلدة زوطر الشرقية في جنوب لبنان، مطالبًا إياهم بإخلاء منازلهم “فورًا” بحجة وجود مواقع عسكرية تابعة لحزب الله داخل المنطقة.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في بيانٍ نشره عبر منصاته الرسمية:
> “سيهاجم جيش الدفاع في المدى القريب بنى تحتية تابعة لحزب الله الإرهابي، وذلك للتعامل مع المحاولات المحظورة لإعادة إعمار أنشطته في المنطقة”.
وأضاف أن “البقاء في محيط المبنى المحدد في الخريطة المرفقة يعرض السكان للخطر”، في إشارةٍ إلى نية الجيش استهداف مواقع داخل البلدة بزعم استخدامها من قبل المقاومة.
غارات متزامنة على عدة بلدات جنوبية
الإنذار الجديد جاء بعد سلسلة من الغارات العنيفة التي نفذتها المقاتلات الإسرائيلية على بلدات عيتا الجبل، وطيردبا، والطيبة، بدعوى أنها “بنى تحتية عسكرية لحزب الله”.
وتشير مصادر لبنانية ميدانية إلى أن القصف الإسرائيلي استهدف مناطق سكنية بشكل مباشر، ما أسفر عن أضرار مادية جسيمة ونزوح عشرات العائلات نحو مناطق أكثر أمانًا شمالي النبطية وصور.
خرق ممنهج لاتفاق وقف النار
منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024، وثقت الجهات اللبنانية والدولية أكثر من 4500 خرق إسرائيلي، بين غارات جوية وتحركات عسكرية واستطلاعية داخل العمق اللبناني، في وقتٍ يؤكد فيه “حزب الله” التزامه الكامل ببنود الاتفاق، مع احتفاظه بحق “الرد المشروع على أي اعتداء”.
توتر سياسي داخلي
يتزامن التصعيد الميداني مع احتدام الجدل السياسي في بيروت، بعد إعلان رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام تكليف الجيش بوضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام.
القرار أثار ردًا حازمًا من “حزب الله”، الذي وصف الخطوة بأنها “مخالفة ميثاقية واضحة”، مؤكدا أن سلاح المقاومة “جزء من هوية لبنان الدفاعية” ولن يكون محل تفاوض أو تنازل.
يبدو أن إسرائيل تمضي في استراتيجية تصعيد تدريجي على الحدود اللبنانية، تستهدف من خلالها اختبار قدرات حزب الله وردود فعله، في ظل انشغال المنطقة بالحرب المستمرة على غزة.
غير أن استمرار الغارات والإنذارات المتكررة بالإخلاء ينذر بانزلاق الأوضاع إلى مواجهة واسعة، قد تفتح جبهة الشمال بالكامل، خصوصًا مع تعالي الأصوات داخل إسرائيل المطالبة بـ“تصفية حساب” مع حزب الله قبل نهاية العام.
في ظل هذا المشهد المشتعل، تبدو لبنان مجددًا على حافة حربٍ جديدة، فيما يواصل الاحتلال الإسرائيلي فرض معادلاته العسكرية بالقوة، متجاهلًا الاتفاقات والحدود، وسط صمت دولي يكرس سياسة الكيل بمكيالين تجاه جرائمه المستمرة ضد المدنيين في لبنان وغزة على السواء.