شهدت بلدة الطكيحي في ريف دير الزور الشمالي ليلة متوترة بعد هجوم مسلح نفذته خلايا يُعتقد بانتمائها إلى تنظيم الدولة الإسلامية، استهدفت منزلًا ومحالًا تجارية لأحد التجار المحليين، في مشهد أعاد إلى الأذهان أساليب التنظيم القديمة في فرض “الزكاة” تحت التهديد.
وفق ما نقلت مصادر محلية، كان المسلحون يستقلون دراجة نارية، وفتحوا النار على منزل التاجر ومحاله باستخدام أسلحة رشاشة، ما تسبب بخسائر مادية دون وقوع إصابات بشرية. وأثناء الهجوم، ردد المهاجمون شعارات مؤيدة للتنظيم، قبل أن يلوذوا بالفرار تاركين خلفهم رسائل ورقية تحمل تهديدًا صريحًا بوجوب دفع الزكاة، مع رقم هاتف للتواصل مع من وصفوا أنفسهم بـ"مسؤولي الزكاة".
ويبدو أن الحادث ليس معزولًا، بل يأتي في إطار حملة متصاعدة تنفذها خلايا التنظيم في مناطق متفرقة من ريف دير الزور، الرقة، والحسكة، حيث يسعى التنظيم إلى إعادة بناء شبكاته المالية من خلال فرض “الزكاة” على التجار والمزارعين، مبررًا ذلك بأنها “فريضة شرعية” تُدفع له باعتباره “الجهة المخولة” بتحصيلها، وفق ما يرد في بياناته السرية.
منذ مطلع عام 2025، شهدت مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” في شمال وشرق سوريا أكثر من 200 عملية تبنتها خلايا التنظيم، شملت اغتيالات وهجمات متفرقة وتفجيرات. وأسفرت تلك العمليات عن مقتل ما لا يقل عن 97 شخصًا، بينهم عناصر من “قوات سوريا الديمقراطية” ومدنيون.
ويتركز النشاط الأكبر في دير الزور التي شهدت وحدها أكثر من 180 هجومًا، ما يعكس قدرة التنظيم على التحرك ضمن بيئة جغرافية واجتماعية معقدة، رغم خسارته الميدانية منذ عام 2019.
وبحسب باحثين في شؤون الجماعات المتطرفة، فإن “الزكاة” باتت موردًا اقتصاديًا رئيسيًا للتنظيم، تستخدم في تمويل عملياته وشراء الولاءات، في ظل تضييق الخناق على مصادره التقليدية من النفط والتهريب. ويضيف الخبراء أن التنظيم يستغل الفراغ الأمني وضعف الثقة الشعبية بالمؤسسات المحلية لفرض هيمنته عبر لغة التهديد الديني والابتزاز المالي.
من جهة أخرى، تشير المعطيات إلى أن التنظيم يحاول تجنيد عناصر محلية جديدة مستفيدًا من حالة الفقر وانعدام الاستقرار، عبر وعود مالية وغطاء ديني يبرر مطالبه، ما يجعل “الزكاة” أداة مزدوجة: تمويل من جهة، وتجذير فكري من جهة أخرى.
وبينما تتواصل الحملات الأمنية ضد خلايا التنظيم في دير الزور، يبدو أن خطره لم ينتهِ بعد، بل عاد بوجه مختلف، يختبئ خلف ورقة مكتوبة بخط اليد... تطلب الزكاة، وتلوّح بالسلاح.