مشروع القرار الأميركي: إعادة هندسة غزة تحت غطاء "الاستقرار الدولي"

2025.11.06 - 09:28
Facebook Share
طباعة

أثار مشروع القرار الأميركي الجديد المقدم إلى مجلس الأمن الدولي حول إنشاء "هيئة حكم انتقالي" في غزة وقوة دولية لتحقيق الاستقرار، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، إذ خلط كثيرون بين مفهومي "قوة الاستقرار الدولية" و"لجنة إدارة غزة". وبينما تسوّق واشنطن لهذه الخطة باعتبارها مدخلاً لـ"سلام مؤقت"، يرى مراقبون أن المشروع يهدف عملياً إلى إعادة صياغة الواقع السياسي في القطاع بما يضمن تحييد المقاومة الفلسطينية وتثبيت واقع أمني يخدم إسرائيل.

 


قدمت الولايات المتحدة، مساء الأربعاء، مشروع قرار إلى مجلس الأمن يقضي بتفويض لمدة عامين لهيئة حكم انتقالية في غزة، إلى جانب إنشاء قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في القطاع. ووفق نص القرار – الذي كشفت عنه وكالة "رويترز" – فإن هذه الهيئة ستكون مخوّلة بتشكيل "قوة مؤقتة" قادرة على استخدام "كل التدابير اللازمة" لتنفيذ مهامها الأمنية والإدارية، في إشارة ضمنية إلى الصلاحيات العسكرية لتلك القوة.

لكن لم يتضح بعد مدى قبول الدول الكبرى للمشروع، خصوصاً مع تحفظات محتملة من روسيا والصين اللتين ترفضان أي ترتيبات تُفرض من خارج الإجماع الدولي أو من دون مشاركة فعلية للفلسطينيين أنفسهم.

 


الفصل بين القوة الدولية والإدارة المدنية

في القاهرة، أوضح رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان أن "قوة حفظ الاستقرار منفصلة تماماً عن إدارة غزة"، مؤكداً أن "الشرطة الفلسطينية المدربة هي من ستتولى أمن القطاع"، بينما يقتصر دور القوة الدولية على مراقبة وقف إطلاق النار وضمان تطبيق الاتفاقات.

وأضاف رشوان أن "الخلط بين المفهومين يربك الجميع، وقد يؤدي إلى مشاكل ميدانية وسياسية خطيرة"، مشيراً إلى أن إسرائيل تضع عراقيل عدة أمام الخطة الأميركية، بينما تطالب واشنطن تل أبيب بتخفيف شروطها للمضي بالمشروع.

 


إشكالية نزع السلاح وصدام محتمل

تتضمن الخطة الأميركية بنداً حساساً يتعلق بـ"نزع السلاح الهجومي" من حركة حماس. وقد أقرّت الحركة في نقاشات سابقة في القاهرة بمبدأ "تسليم السلاح الهجومي" مقابل ضمانات أمنية وسياسية، إلا أن تسليم هذا السلاح إلى "القوة الدولية" يظل محل خلاف كبير.

ويرى رشوان أن "تكليف القوة الدولية بنزع سلاح حماس سيؤدي إلى صدامات ميدانية"، مشيراً إلى أن هذا البند لا يزال خاضعاً للتفاوض، ما يجعل تنفيذه فعلياً أمراً بالغ التعقيد.

 


خطة ترامب المعدّلة: بين السياسة والواقع

يأتي المشروع الحالي كامتداد لخطة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بشأن غزة، والتي تتألف من 20 نقطة، أهمها وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين، وتشكيل لجنة فلسطينية – دولية لإدارة القطاع مؤقتاً.

ووفق التسريبات، فإن إسرائيل وحماس وافقتا مبدئياً قبل شهر على المرحلة الأولى من الخطة، لكن الخلاف حول إدارة غزة ونزع السلاح ما زال يعطل أي تقدم حقيقي.

 


من يدير غزة؟ جدل لم يُحسم بعد

الجدل الأكبر يتمحور حول هوية الجهة التي ستدير غزة بعد الحرب.
السلطة الفلسطينية تطالب بعودة صلاحياتها كاملة إلى القطاع، باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، بينما ترفض إسرائيل ذلك، مفضلة إدارة مدنية "محلية" لا تخضع لرام الله، وربما تشارك فيها أطراف عربية تحت إشراف دولي.

وتُطرح في الكواليس أفكار عدة لتشكيل "لجنة تكنوقراط فلسطينية" تضم شخصيات مستقلة، تتولى الإدارة اليومية للقطاع بمساعدة خبراء دوليين، في انتظار تسوية سياسية أوسع.

 


يبدو أن مشروع القرار الأميركي لا يهدف فقط إلى إنهاء الحرب في غزة، بل إلى إعادة هيكلة المشهد السياسي والأمني في القطاع بما يتماشى مع رؤية واشنطن وتل أبيب.
لكن هذا المسار، الذي يقوم على فرض قوة دولية و"هيئة حكم انتقالية" دون توافق وطني فلسطيني، قد يفتح الباب أمام جولات جديدة من التوتر وربما المقاومة، خصوصاً إذا فُهم على أنه محاولة لنزع سلاح الفصائل وفرض وصاية أجنبية على غزة.

في المقابل، تواصل القاهرة لعب دور الوسيط الحذر، متمسكة بفصل المسار الأمني عن السياسي، وبضرورة أن تكون أي إدارة مستقبلية لغزة فلسطينية خالصة، لا امتداداً للاحتلال بأدوات دولية.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 7 + 5