تترقب الأوساط السياسية والأمنية في لبنان، اليوم الخميس، نتائج جلسة الحكومة المخصصة لمناقشة التقرير الشهري الثاني للجيش حول مهمته جنوب نهر الليطاني، في ظل تزايد الحديث عن ضغوط أميركية، وتصعيد إسرائيلي محتمل على الجبهة الشمالية.
خطة انتشار ومراحل متوازية
التقرير الذي يُفترض أن يعرضه قائد الجيش جوزيف عون أمام الحكومة برئاسة نواف سلام، يتضمن تفاصيل حول خطة الانتشار في جنوب الليطاني، والتي من المقرر أن تُستكمل مرحلتها الأولى قبل نهاية العام الحالي.
أما المرحلة الثانية، التي تمتد إلى شمال الليطاني، فترتبط – بحسب مصادر عسكرية – بالتطورات السياسية، وبما إذا كانت ستُفتح قنوات تفاوض مباشرة أو غير مباشرة مع الجانب الإسرائيلي حول ترتيبات أمنية جديدة.
وأكدت المصادر أن التقرير ركز على عمليات الجيش في الجنوب، فيما تناول الجزء الثاني منه الإجراءات المقترحة لتثبيت سلطة الدولة في المنطقة الواقعة شمال النهر، وهي منطقة ما زالت تشهد نفوذاً فعلياً لحزب الله، رغم انتشار القوات النظامية فيها.
موقف حزب الله: دعم مشروط
من جانبها، أكدت مصادر مقربة من حزب الله أن الحزب "يدعم خطة الجيش ويتعاون معه في معالجة الملفات الميدانية"، مشيرة إلى أن التواصل مع قيادة المؤسسة العسكرية "قائم ومستمر"، وقد شهد لقاءات بين رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد وقائد الجيش ردولف هيكل.
وفي ما يتعلق بالتفاوض مع إسرائيل، شددت المصادر على أن الحزب يتبنى موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، القائم على الاستفادة من تجربة ترسيم الحدود البحرية، أي الإبقاء على لجنة "الميكانيزم" بمشاركة خبراء وتقنيين عند الحاجة، دون الانخراط في مفاوضات مباشرة سياسية أو أمنية.
تل أبيب تستعد للتصعيد
بالمقابل، تفيد تقارير إسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلي يستعد لتنفيذ عملية عسكرية واسعة ضد حزب الله، بذريعة أن الحزب أعاد بناء قدراته العسكرية وترميم منظومته الصاروخية. وتُجمع الأوساط في بيروت على أن التصعيد الإسرائيلي بات خياراً مطروحاً بقوة، خاصة في ظل فشل جهود التهدئة التي تقودها واشنطن والقاهرة وبرلين.
التفاوض كخيار بديل.. لكن تحت النار
ورغم هذا التصعيد، لا تزال السلطات اللبنانية تؤكد تمسكها بالتفاوض كخيار بديل من الحرب، غير أن تل أبيب لم تُبدِ حتى الآن موقفاً واضحاً من هذا المسار، فيما يبدو أن إسرائيل تفضل إبقاء باب التفاوض مفتوحاً "تحت ضغط النار"، على حد وصف مصادر دبلوماسية في بيروت.
مهلة أميركية ضاغطة
ويأتي التقرير الجديد للجيش بعد اجتماع لجنة الإشراف على وقف الأعمال الحربية (الميكانيزم) الأسبوع الماضي، بمشاركة المستشارة الأميركية مورغان أورتاغوس.
وبحسب تقارير إسرائيلية، فقد منح المبعوث الأميركي توم براك الجيش اللبناني مهلة تنتهي بنهاية نوفمبر الجاري، لـ"إحداث تغيير ملموس في الوضع القائم حول سلاح حزب الله"، قائلاً إن "عدم تحقيق تقدم سيُفسر كفشل للوساطة، ما يمنح إسرائيل المبرر لشن عمليات عسكرية بتفهم أميركي".
توازن دقيق بين الداخل والضغوط
هذا المشهد يعكس مرة جديدة التعقيد الذي يعيشه القرار اللبناني، بين ضرورة التمسك بسيادة الدولة ومؤسساتها الأمنية، وبين تجنب أي مواجهة شاملة مع حزب الله، في وقت تتزايد فيه الضغوط الأميركية والإسرائيلية لتقييد قدرات الحزب أو إعادة رسم قواعد الاشتباك جنوب الليطاني.
ومع اقتراب نهاية المهلة الأميركية، تبدو بيروت أمام امتحان سياسي وأمني دقيق: إما المضي في خطة "حصر السلاح" بشكل تدريجي يحافظ على الاستقرار الداخلي، أو مواجهة تصعيد قد يفتح الباب أمام جولة جديدة من المواجهة مع إسرائيل، بغطاء دولي هذه المرة.