طرابلس تحت الرماد: كيف تواجه المدينة الاستحقاق النيابي؟

2025.11.05 - 08:32
Facebook Share
طباعة

يشهد الشارع الطرابلسي حالة من الاحتقان نتيجة التزاوج بين الأزمات اليومية المتراكمة والحراك الانتخابي الذي بدأ يظهر مؤشراته منذ فترة. فبينما تُرَصد عمليات “تزفيت” الطرق تمهيدًا للاستحقاق النيابي، تتواصل الحرائق المفتعلة، ولا سيما حرق الإطارات، في مناطق عدة من المدينة، بما في ذلك الملولة والتبانة، لتغطي الجو بدخان أسود خانق. المواطنون يؤكدون أن الجهات الرسمية لم تحرك ساكنًا لمعالجة هذه الأزمة، التي باتت تُصنَّف مرضًا مزمنًا يفتك بالبيئة والصحة العامة، ويربطون بين التقاعس الرسمي ووجود مصالح سياسية محتملة لبعض القوى المحلية التي قد تستفيد من هذه الجرائم البيئية والإنسانية.

التفاعل الشعبي عبر منصات التواصل يؤكد حجم الإحباط من الوضع القائم، إذ نشرت صفحات عدة صورًا للحرائق تحت عنوان “غيمة سرطانية فوق طرابلس”، في إشارة إلى التهديد المستمر للصحة العامة والبيئة، إضافة إلى الملفات الأخرى العالقة مثل انتشار الكلاب الضالة والمشكلات الصحية والبنى التحتية، والتي عززت الشعور بالإهمال المؤسسي. هذا الواقع المأساوي يقابله حراك سياسي نشط استعدادًا للانتخابات النيابية، حيث بدأت القوى السياسية بتحريك خطوطها التحالفية وتعليق الصور واللافتات، في محاولة لاستعادة ثقلها وسط منافسة متجددة تشمل سياسيين قدامى وجدد يسعون لإثبات جدارتهم في الملفات الاجتماعية والتنموية.

رغم أن باب الترشيحات لم يُفتح بعد، فإن الساحة السياسية تشير إلى استمرار دراسة القوى الرئيسية لتحالفاتها وكيفية الحفاظ على نفوذها، خاصة مع دخول رجال أعمال جدد إلى السباق الانتخابي.
يعدّ تأثير النواب البارزين مثل إيهاب مطر، أشرف ريفي، فيصل كرامي، وطه ناجي، إضافة إلى دور رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، حاضرًا بقوة في توجيه دعمهم لمرشحين محددين، مما قد يضاعف من تعقيد التحالفات في المدينة. وتوقع الأوساط الطرابلسية أن عدد اللوائح سيزداد عن ست لوائح، وهو ما سيدفع كل نائب إلى تشكيل قطب سنّي خاص به لإثبات زعامته، في ظل عدم وضوح موقف “تيار المستقبل” من المشاركة.

أما بالنسبة للتحالفات المحتملة، فيشير المراقبون إلى صعوبة إعادة إنتاج تحالف ريفي-كرامي النيابي، بسبب التباينات السياسية والتحالفات الإقليمية، بينما يتجه كرامي نحو التحالف مع ناجي، على أن يبقى الصمد مستقلاً متمسكًا بمواقفه المناصرة لحزب الله.
في المقابل، يسعى مطر لتشكيل لائحة وازنة ومستقلة، تعكس تطور مكانته السياسية المنفردة، بعد أن بنى لنفسه قاعدة شعبية قوية خلال السنوات الماضية.

يرى مراقبون الصورة الانتخابية في طرابلس ما تزال غامضة، إلا أنها تحمل توقعات بتغيرات مفاجئة قد تصب في صالح الملفات المحلية العالقة، والتي لم تتلقَ أي حلول من القوى الرسمية خلال السنوات الماضية.
المواطنون الطرابلسيون، على الرغم من الإحباط اليومي بسبب الحرائق وقضايا البنية التحتية والملفات البيئية، يراقبون التحركات السياسية بعين حذرة، متطلعين إلى أن تُترجم المنافسة الانتخابية إلى نتائج ملموسة تخدم مصالح المدينة. في الوقت نفسه، فإن استمرار حالة الغموض يرفع منسوب القلق لدى الشارع الطرابلسي، الذي يأمل في أن تؤدي الانتخابات المقبلة إلى إصلاحات حقيقية على الأرض، ومعالجة أزمات متجذرة طالما أهملت، سواء من حيث البيئة أو الخدمات العامة أو الفساد الإداري.

المشهد الطرابلسي، إذن، يجمع بين غياب الحلول العملية للأزمات اليومية وارتباطها المباشر بالحراك السياسي الانتخابي، مما يجعل من التوازن بين المطالب الاجتماعية والتحركات السياسية عنصرًا أساسيًا لتقييم مستقبل المدينة في الاستحقاق النيابي المقبل، ومدى قدرة القوى السياسية على تقديم حلول ملموسة لمواطنين عانوا لفترات طويلة من الإهمال والتجاهل الرسمي. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 2