«أنا استخبارات ولاك» تشعل مواقع التواصل في سوريا .. والداخلية ترد !

2025.11.05 - 07:00
Facebook Share
طباعة

 
أعاد مقطع مصور لا يتجاوز الدقائق القليلة، نشرته صفحات سورية على مواقع التواصل الاجتماعي، النقاش حول سلوكيات بعض من يدّعون الانتساب إلى الأجهزة الأمنية، ودور القانون في ضبط مثل هذه التصرفات.
الفيديو، الذي وُصف بأنه “الأكثر تداولاً خلال الساعات الأخيرة”، أظهر شخصًا يتوجه بعبارات حادة إلى شرطي مرور أثناء قيامه بمهامه، مدّعيًا أنه من جهاز الاستخبارات، ومردّدًا عبارة أصبحت مثار جدل واسع: «أنا استخبارات ولاك!»


مشهد أثار غضب الشارع
في التسجيل، بدا الشرطي متماسكًا ومهذبًا رغم نبرة الاستفزاز الواضحة من الرجل الذي حاول فرض نفوذه عبر الادعاء بانتمائه إلى جهة أمنية.
ورجّحت تعليقات المتابعين أن الحادثة وقعت في العاصمة دمشق، بناءً على لهجة المتحدثين والمارة الذين حاول بعضهم التدخل لإنهاء الجدال.
المقطع الذي انتشر خلال ساعات عبر منصات فيسبوك وتيك توك و"إكس"، تحوّل إلى ساحة سجال بين مؤيد لتصرف الشرطي ومستنكر لسلوك الرجل الذي عرّف عن نفسه كعنصر استخبارات.
الكثير من التعليقات اعتبرت الحادثة “انعكاسًا لتراكمات قديمة في علاقة المواطن بالمؤسسات الأمنية”، فيما رأى آخرون أنها “اختبار حقيقي لشعارات الإصلاح واحترام القانون”.


تفاعل رسمي سريع
بعد اتساع موجة الغضب الشعبي، أصدرت وزارة الداخلية بيانًا أكدت فيه أنها تتابع ما نُشر من تسجيل مصور يظهر اعتداء شخص يدعي صفة أمنية على أحد عناصر شرطة المرور أثناء تأدية واجبه.
الوزارة أوضحت أنها بدأت إجراءات قانونية بحق المعتدي تمهيدًا لإحالته إلى القضاء المختص، مشددة على أن “لا أحد فوق القانون، وأن المحاسبة ستجري وفق الأصول القضائية”.
المتحدث باسم الوزارة، نور الدين البابا، أشار إلى أن الوزارة تثق بقدرة القوانين والمؤسسات العدلية على إنصاف المتضررين، لافتًا إلى أن الاحتكام إلى القانون هو “الطريق الوحيد لاستعادة الحقوق ومحاسبة المسيئين”.


شرطي تحت الضغط… وامتداح رسمي
البيان الرسمي لم يخلُ من إشادة بسلوك الشرطي، إذ أثنت الوزارة على ضبطه للنفس وأدائه لمهامه بمهنية عالية رغم ما تعرّض له من إساءة واستفزاز، معتبرة الحادثة “مشهدًا إيجابيًا يعكس التزام عناصر الشرطة بقيم الانضباط والمسؤولية”.
في المقابل، أبدى كثيرون على مواقع التواصل تضامنهم مع الشرطي، واعتبروا موقفه “تمثيلًا لوجه الدولة الذي يجب أن يسود”، فيما طالب آخرون بالكشف عن هوية المعتدي ومعاقبته علنًا لضمان الشفافية.


ذاكرة سوريين لا تنسى
لم تكن هذه الحادثة الأولى التي تثير جدلًا حول علاقة السلطة الأمنية بالمؤسسات المدنية. فقد سبقتها وقائع مشابهة، كان أبرزها مقطع مصور أظهر صانعة محتوى تُعرف باسم «برفين بيبو» وهي تهاجم شرطي مرور بعد مخالفتها أحد الأنظمة، مستخدمة عبارات اعتُبرت مسيئة وتحمل دلالات طائفية.
الداخلية حينها أعلنت توقيفها بتهم “إهانة موظف أثناء تأدية عمله” و“إثارة النعرات الطائفية”، وأحيلت إلى القضاء.
الواقعة، مثل حادثة “أنا استخبارات ولاك”، تحوّلت أيضًا إلى حدث رأي عام، حيث أظهر التسجيل الشرطي وهو يحافظ على هدوئه في وجه الإساءة، ما دفع المستخدمين إلى التضامن معه والمطالبة بردع كل من يسيء لهيبة القانون.


بين القانون والنفوذ
تجدد النقاش في الأوساط الشعبية والإعلامية حول حدود السلطة في سوريا، خصوصًا حين يستخدم بعض الأشخاص “الصفة الأمنية” كوسيلة لتجاوز القانون أو التسلط على موظفين حكوميين يؤدون واجبهم.
تعليقات كثيرة ربطت الحادثة بـ “إرث ثقيل” خلفته سنوات من الخوف والتمييز، حيث كان مجرد ذكر الانتماء الأمني كافيًا لإسكات أي اعتراض. لكن المشهد الجديد، بحسب متابعين، أظهر تغيرًا ملحوظًا في تعامل الأجهزة الرسمية مع مثل هذه الادعاءات.
في المقابل، حذّر آخرون من أن “ردود الفعل على وسائل التواصل لا يجب أن تتحول إلى محاكم شعبية”، مشددين على أهمية ترك القرار للمؤسسات القضائية وحدها.


غضب وتحذيرات من العودة إلى الماضي
الجدل لم يقتصر على المواطنين، إذ شارك في التعليق شخصيات دينية واجتماعية وإعلامية، طالبت بإجراءات صارمة “تضع حدًا لأي تجاوز يمس كرامة مؤسسات الدولة أو المواطنين”.
أحد المعلقين اعتبر أن “مثل هذه المشاهد تسيء للبلد بأكمله وتذكّر بفترات مظلمة قامت الثورة لإنهائها”، داعيًا إلى إعلان العقوبة على الملأ لتأكيد أن “القانون فوق الجميع، مهما كانت الصفة أو الجهة”.


بين الصورة والواقع
الحادثة الأخيرة أبرزت مرة جديدة كيف باتت الكاميرا أداة رقابة فعّالة في يد الناس، إذ لم يعد بالإمكان إخفاء مثل هذه التصرفات خلف الأبواب المغلقة أو الأوامر الشفهية.
ففي لحظات قليلة، تحوّل تسجيل التقطه أحد المارة إلى قضية رأي عام دفعت وزارة الداخلية إلى التحرك الفوري.
ويرى مراقبون أن هذا التفاعل، يعكس إدراكًا متزايدًا لدى السلطات بأن صورة المؤسسة الأمنية أمام الجمهور أصبحت عاملاً حاسمًا في قياس ثقة الشارع بالدولة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 6